العرش
آيات عرش الرحمن كما جاءت في القرآن
الآن هل هذه هي كل الآيات ؟؟؟؟
بالطبع لا فأنا إقتطعت بعضاً منها للتعليق في آخر المداخلة لنصل إلى معنى العرش الإلهي سويّاً
ولكن قبلاً لابد لنا أن نبحث في كل جذور ( ع ر ش ) المذكورة في القرآن
فجمع العرش الموجود في القرآن هوَ ( عروش )
البقرة الآية 259أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيـي هـذه الله بعد موتها فأماته الله مئة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مئة عام ........
الأنعام الآية 141
وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين
الأعراف الآية 137
وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمت ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون
النحل الآية 68
وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون
الكهف الآية 42
وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا
الحج الآية 45
فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد
السؤال الآن ما المقصود بعروش القرية ؟؟ وماهي الجنّات المعروشة والأخرى غير المعروشة ... هل هي كراسي الحكم المطعّمة بالفسيفساء والتي يجلس عليها الملوك كما كنّا نعتقد بمجرد قراءة كلمة ( عرش )
يا سادة : الشخص الذي يبني بيتاً ويقوم بتأثيثه فقد بنى عرشاً له ..... فالبيت هنا هوَ عرش صاحبه
الغابات التي تكون أشجارها مقلّمة وأرضها ممهدة وهناك قنوات من المياه تجري فيها وووو .... فهي غابة معروشة
أمّا الغابات التي تكون أشجارها ملتفة وأرضها طينيّة سبخة وووو ...... فهي غابة غير معروشة
عندما أهلك الله القوم في تلك القرى البائدة بالعذاب والمذكورة في الآيات أعلاه ، أصبحت بعد العذاب خاوية على عروشها والتي بناها أهل تلك القريّة فكم من بيت مشيد وآبار محفورة وطرق معبّدة قائمة وعليها آثار الدمار لتشهد على صنيعتهم ، حتى من أنفق ماله في الأرض زرعاً وسقاية بعد أن كفر بالله أرسل الله عليها العذاب فأصبحت خاوية على عروشها فمات الزرع وأصبح ينفض كفيه....
كل الآيات في القرآن والتي تستخدم كلمة العرش بفروعه تتحدث عنه بمعنى البناء والخلق والجمال إلا خمس آيات سأوردها لاحقاً
الآن سأورد الآيات الناقصة من العرش وأرجو منك عزيزي القارئ ان تعمل فكرك وعقلك لتفهم جيداً
يقول الحق سبحانه وتعالى
الأعراف الآية 54
إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين
يونس الآية 3
إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون
الرعد الآية 2
الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون
الفرقان الآية 59
الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا
السجدة الآية 4
الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون
الحديد الآية 4
هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير
الإستواء على العرش هنا لا يعني الجلوس على كرسي الملك بعد أن أحكم الله قبضته على ما خلق ... هذه نظرة روائية من كتب التفسير ، وأهل ذلك الزمان لا يعلمون حجم الكون أو مدى إتساع التعقيد في الخلق وهذا هوَ أعلى ما يصلون إليه بفكرهم
إرجع وإقرأ الآيات هل ترى بعد الإستواء أي لفظ يدل على بيان خطابي للملك بعد أن عيّن نفسه حاكماً أبديّاً للكون ؟؟؟ .. سأضرب مثال :
"الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش الملك الحق لا إله إلا هو"
بالطبع لا
لأن إستوى على العرش تعني تولّى مقاليد ما خلق ولهذا نجد أن الآيات بعد الخلق في ستة أيام تتحدث عن إتصال وليس إنتهاء وإنقطاع (إغشاء الليل بالنهار وتدبير الأمر وتسخير الشمس والقمر ) وليس بيان خطابي من فوق كرسي الملك بعد أن يجلس عليه الحاكم
فالعرش يا سادة هو ( السماوات والأرض وما بينهما ) = ما نسميه في عصرنا الحالي بالكون
الآن إلى الآية التي تتحدث عن يوم القيامة وعن عرش الله
الحاقة الآية 17
والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية
بالرجوع إلى الآيات السابقة لهذه الآية نجد أنها تتحدث عن بدأ البعث إقرأوا :
(((( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ
وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً
فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ
وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ
وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ
يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ))))
سنلاحظ أن ( الهاء ) في أرجائها تعود إلى السماء والأرض ، هذه واحدة
ثم يذكر عدد من يحمل العرش ( الكون ) وهم ثمانيّة بدون تحديد
إذن المنظر العام وحسب ما فهمناه من التحليل السابق هوَ الآتي
1- تقوم القيامة بالنفخ في الصور فتدك الجبال وتنشق السماء
2- يبعث الخلق في مكان جديد ويرون الملائكة على أرجاء العرش الذي كانوا داخله في يومٍ ما والذي تحمله ثمانية
3- يتقدم كل شخص ليعرض عليه عمله
ماهي تلك الثمانية التي تحمل الكون بعد إنهياره ؟؟؟؟
لا أدري حقيقة ، ولكنها بالتأكيد ليست ملائكة ، قد تكون تلك القوى الثمانية التي تحكم الكون والتي نعرف منها حالياَ ( قوى الجاذبيّة / قوى الكهرومغناطيسيّة / القوى النوويّة الكبرى / القوى النوويّة الصغرى ) وهناك قوى أخرى لم يكتشفها العلم بعد تتحكم في الكون من أصغر ما فيه على مستوى الأوتار إلى أعظم مافيه أو شيء آخر
شواهد أعتمدت عليها
يقول الحق سبحانه وتعالى :
فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106)
خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ (107)
وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108)
هنا تأكيد على أن عرش الله ( الكون ) لن يفنى وقد إستخدمه الله كعصفة ذهنيّة لنا لتقريب معنى الخلود في أصحاب الجنّة والنار فيبقى الكون محمولاً بتلك الثمانية حاضراً في أبديّة حتى يشاء الله
سيقول قائل يا سيمبا ماذا عن الآية 7 من سورة غافر
غافر الآية 7
الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم
فهذه الآية تؤكد على أن حملة العرش ليسوا ملائكة لأن الملائكة في يقين والآية تقول ( ويؤمنون به ) فهل هناك عاقل يقول بأن أقرب الملائكة إلى الله ومن يحملون عرشه الذي يجلس عليه ( يؤمنون به )
عرش الله كما قلنا هو الكون ومن يحملون العرش لم يظهروا على اليقين بل هم مؤمنون ، هذه واحدة.
والآية بلفظها تتحدث عن وقتنا الحاضر لأنهم يستغفرون ويطلبون بالدعاء أن يقي الله عباده من عذاب الجحيم وفي يوم القيامة لا إستغفار لأن الحكم والفصل إنتهى ، يقول الحق {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ}
الخلاصة ليسوا ملائكة بل شيء آخر يحمل عرش الرحمن في وقتنا الحاضر وسيحمله في يوم القيامة أيضاً
نكمل
آية واحدة لا يمكن أن نتصورها في في هذه اللحظة إلا لو قال العلم كلمته فيها
هود الآية 7
وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هـذا إلا سحر مبين
يقولون أن الماء ظهر على سطح الأرض من باطنه ولكن هذا الماء لم يكن كافيا لتغطية ثلاثة أرباع اليابسة كما هي عليه اليوم ولهذا رجح العلماء أن الأرض تعرضت في بداية تكوينها إلى قصف متواصل من المذنبات والتي تحتوى على الماء في تركيبتها فالحياة مرتبطة بالماء وقد يكون تشكل الماء حول المجرات وفي أطراف الكون أمراً له علاقة بالآية
قبل أن نختم وحتى لا ندع مجالاً لأحد أقول :
خمس آيات فقط تتحدث عن العرش بمفهومه المعاصر وكلها تتحدث عن ملوك الأرض
يوسف الآية 100
ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هـذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم
النمل الآية 23
إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم
النمل الآية 38
قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين
النمل الآية 41
قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون
النمل الآية 42
فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين
ولكن قبل أن نغوص في آية الكرسي وجب علينا تصحيح بعض المفاهيم
يقول الحق سبحانه في سورة البقرة :(اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)
قالوا لنا ان الكرسي هوَ موضع القدمين للإله المستو على عرشه ، وأن العرش هو سرير له أربع قوائم ... ولا أظن أن مسلم يحمل ذرة من العقل يمكن أن يصدق هكذا تجسيمات للذات الإلهية في الفكر الإسلامي مالم يكن مسلم بالوراثة أو لا يعير هذه الأمور أي إهتمام
فما معنى كرسي ؟
كلمة كرسي مأخوذة من الجذر ( ك ر س ) وتأتي بمعنى : التَّلَبُّدِ والتّجَمُّعِ: فَالْكَرَّاسَةُ هِىَ الْجُزْءُ مِنَ الْكِتَابِ وكَذَلِكَ إِضْمَامَةٌ مِنَ الْوَرَقِ تُهَيَّأُ لِلْكِتَابَةِ فِيهَا والْجَمْعُ كُرَّاسٌ وكَرَارِيسُ وكُرَّاسَاتٌ، والْكِرْسُ هُوَ مَا تَجَمَّعَ وتَلَبَّدَ مِنَ التُّرَابِ وأَبْوَالِ الْبَهَائِمِ وغَيْرِهَا وأَبْعَارِهَا فِي الدَّارِ والْجَمْعُ أَكْرَاسٌ.
كَرِسَ فُلَانٌ يَكْرَسُ كَرَسًا أَىِ ازْدَحَمَ الْعِلْمُ فِي صَدْرِهِ فَهُوَ كَرِسٌ،وكَرَّسَ الشَّىْءَ أَىْ ضَمَّ بَعْضَه إِلَى بَعْضٍ،وكَرَّسَ الْبِنَاءَ أَىْ أَسَّسَهُ،وكَرَّسَ جُهْدَهُ لِكَذَا أَىْ جَمَّعَهُ لَهُ ، وانْكَرَسَ عَلَى الشَّىْءِ أَىِ انْكَبَّ ، وتَكَارَسَ الشَّىْءُ وتكَرَّسَ أَىْ تَرَاكَمَ وتَلَازَبَ،وتَكَرَّسَ أُسُّ الْبِنَاءِ أَىْ صَلُبَ واشْتَدَّ والْمُكَرَّسَةُ مِنَ الْقَلَائِدِ هِىَ مَا نُظِمَ لُؤْلُؤُهُ فِي أَكْثَرَ مِنْ خَيْطٍ وَاحِدٍ ثُمَّ ضُمَّتْ فُرُوعُه وفُصِّلَتْ بِخَرَزٍ كِبَارٍ.
حتى هذه اللحظة نجد أن المعنى لا يخرج عن إحدى هذه : تلبد / تجمع / إنضمام / تراكم وتلازب
والسؤال الآن هوَ عن السبب في إطلاقنا لفظة الكرسي على ما تعارفنا عليه اليوم
وبعد بحث قرأته في إحدى الكتب وجدت أن لفظة الكرسي إطلقت على المقعد المصنوع من الخشب نتيجة إجتماع أجزائه وتراكبها بعضها مع بعض ولهذا كان من معان الجذر ( ك ر س ) مدلولها المادي أيضاً كالتالي :
والْكُرْسِيُّ هُوَ السَّرِيرُ وكَذَلِكَ الْعَرْشُ وكَذَلِكَ مَقْعَدٌ مِنَ الْخَشَبِ ونَحْوِهِ لِجَالِسٍ وَاحِدٍ والْجَمْعُ كَرَاسِيُّ
إذاً نحن أمام معنيين للكرسي
1- هوَ موضع القدمين كما في المرويات
2- هوَ تجمع وتراكم وتلازب للمادة يسع في محيطه كلاً من السماوات والأرض .... وهيَ ما نطلق عليه اليوم لفظة المجرّة وقال الله عنها (مجازاً) الكرسي ، للدلالة على ذلك البناء المنظم والذي إشتد وتكرّس من مادة الكون في بقعة واحدة
الآن لنقرأ هذا الحديث
126013 - قلت : يا رسول الله أيما أنزل عليك أعظم ، قال : آية الكرسي ، ثم قال : يا أبا ذر ما السموات السبع مع الكرسي (وفي رواية : ما السموات السبع في الكرسي) إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة ، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة
الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: ابن تيمية - المصدر: مجموع الفتاوى - الصفحة أو الرقم: 6/556
خلاصة الدرجة: مشهور له طرق
الحلقة في الرواية لها مدلول لا يغيب عن أصحاب العقول والرسول يقول فيها أن حجمنا بأرضنا وسمائنا بالنسبة إلى الكرسي ( المجرّة ) كنسبة حجم الخاتم الملقى في فلاة من الأرض ، والفلاة هي الأرض الواسعة كالصحراء (((يبدو أن سيدي رسول الله كان يعلم بأن حجم الأرض لا يساوي شيئاً بالنسبة إلى المجرة التي تحتويه)))
ولنقرأ في رواية أخرى
176213 - ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض
الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: ابن كثير - المصدر: البداية والنهاية - الصفحة أو الرقم: 1/11
خلاصة الدرجة: منقطع وقد روي عنه من طريق أخرى موصولا
هنا ينتقل سيدي رسول الله إلى المقارنة بين المجرة ( الكرسي ) والكون ( العرش ) فيقول في الرواية الأولى إن فضل الكون على المجرة في إحتوائه لها ....... كفضل الفلاة على ذلك الخاتم ويضع لنا مقارنة مماثلة في الرواية الثانية عن نسبة الأحجام ونلاحظ أنه ذكر المجرة على شكل حلقة أيضاً لأصحاب العقول
وعندما نجمع الحديثين نخرج بمفهوم عام يصف حجمنا بالنسبة لملكوت الله فنحن بأرضنا وسمائنا كمثل حلقة في سطح صحراء لا تكاد تظهر هذه الحلقة على سطحها ، وهذه الصحراء كمثل حلقة لا تكاد تظهر على سطح صحراء أكبر بالمختصر
محمد يعلم أبعاد الكون تماماً بناءاً على المرويات
ملاحظة بسيطة :
إن كان الكرسي هو موضع القدمين كما يحلوا لهم في تفسيرها فكيف بالله عليكم يكون حجمه بالنسبة للعرش بهذا الحجم الصغيييييييييييييير جداً جداً !
تخيل أن يكون لك سرير وبجانبه موضع لقدميك بحجم ذرة ، كيف ستضع عليها قدميك ?!
آيات عرش الرحمن كما جاءت في القرآن
التوبة الآية 129
فإن تولوا فقل حسبي الله لا إلـه إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم
الإسراء الآية 42
قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا
طه الآية 5
الرحمن على العرش استوى
الأنبياء الآية 22
لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون
المؤمنون الآية 86
قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم
المؤمنون الآية 116
فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم
النمل الآية 26
الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم
الزمر الآية 75
وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين
غافر الآية 15
رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق
الزخرف الآية 82
سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون
التكوير الآية 20
ذي قوة عند ذي العرش مكين
البروج الآية 15
ذو العرش المجيد
فإن تولوا فقل حسبي الله لا إلـه إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم
الإسراء الآية 42
قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا
طه الآية 5
الرحمن على العرش استوى
الأنبياء الآية 22
لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون
المؤمنون الآية 86
قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم
المؤمنون الآية 116
فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم
النمل الآية 26
الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم
الزمر الآية 75
وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين
غافر الآية 15
رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق
الزخرف الآية 82
سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون
التكوير الآية 20
ذي قوة عند ذي العرش مكين
البروج الآية 15
ذو العرش المجيد
الآن هل هذه هي كل الآيات ؟؟؟؟
بالطبع لا فأنا إقتطعت بعضاً منها للتعليق في آخر المداخلة لنصل إلى معنى العرش الإلهي سويّاً
ولكن قبلاً لابد لنا أن نبحث في كل جذور ( ع ر ش ) المذكورة في القرآن
فجمع العرش الموجود في القرآن هوَ ( عروش )
البقرة الآية 259أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيـي هـذه الله بعد موتها فأماته الله مئة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مئة عام ........
الأنعام الآية 141
وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين
الأعراف الآية 137
وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمت ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون
النحل الآية 68
وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون
الكهف الآية 42
وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا
الحج الآية 45
فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد
السؤال الآن ما المقصود بعروش القرية ؟؟ وماهي الجنّات المعروشة والأخرى غير المعروشة ... هل هي كراسي الحكم المطعّمة بالفسيفساء والتي يجلس عليها الملوك كما كنّا نعتقد بمجرد قراءة كلمة ( عرش )
يا سادة : الشخص الذي يبني بيتاً ويقوم بتأثيثه فقد بنى عرشاً له ..... فالبيت هنا هوَ عرش صاحبه
الغابات التي تكون أشجارها مقلّمة وأرضها ممهدة وهناك قنوات من المياه تجري فيها وووو .... فهي غابة معروشة
أمّا الغابات التي تكون أشجارها ملتفة وأرضها طينيّة سبخة وووو ...... فهي غابة غير معروشة
عندما أهلك الله القوم في تلك القرى البائدة بالعذاب والمذكورة في الآيات أعلاه ، أصبحت بعد العذاب خاوية على عروشها والتي بناها أهل تلك القريّة فكم من بيت مشيد وآبار محفورة وطرق معبّدة قائمة وعليها آثار الدمار لتشهد على صنيعتهم ، حتى من أنفق ماله في الأرض زرعاً وسقاية بعد أن كفر بالله أرسل الله عليها العذاب فأصبحت خاوية على عروشها فمات الزرع وأصبح ينفض كفيه....
يبدو أن الرؤيا بدأت تتضح
الآن سأورد الآيات الناقصة من العرش وأرجو منك عزيزي القارئ ان تعمل فكرك وعقلك لتفهم جيداً
يقول الحق سبحانه وتعالى
الأعراف الآية 54
إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين
يونس الآية 3
إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون
الرعد الآية 2
الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون
الفرقان الآية 59
الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا
السجدة الآية 4
الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون
الحديد الآية 4
هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير
الإستواء على العرش هنا لا يعني الجلوس على كرسي الملك بعد أن أحكم الله قبضته على ما خلق ... هذه نظرة روائية من كتب التفسير ، وأهل ذلك الزمان لا يعلمون حجم الكون أو مدى إتساع التعقيد في الخلق وهذا هوَ أعلى ما يصلون إليه بفكرهم
إرجع وإقرأ الآيات هل ترى بعد الإستواء أي لفظ يدل على بيان خطابي للملك بعد أن عيّن نفسه حاكماً أبديّاً للكون ؟؟؟ .. سأضرب مثال :
"الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش الملك الحق لا إله إلا هو"
بالطبع لا
لأن إستوى على العرش تعني تولّى مقاليد ما خلق ولهذا نجد أن الآيات بعد الخلق في ستة أيام تتحدث عن إتصال وليس إنتهاء وإنقطاع (إغشاء الليل بالنهار وتدبير الأمر وتسخير الشمس والقمر ) وليس بيان خطابي من فوق كرسي الملك بعد أن يجلس عليه الحاكم
فالعرش يا سادة هو ( السماوات والأرض وما بينهما ) = ما نسميه في عصرنا الحالي بالكون
الآن إلى الآية التي تتحدث عن يوم القيامة وعن عرش الله
الحاقة الآية 17
والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية
بالرجوع إلى الآيات السابقة لهذه الآية نجد أنها تتحدث عن بدأ البعث إقرأوا :
(((( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ
وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً
فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ
وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ
وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ
يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ))))
سنلاحظ أن ( الهاء ) في أرجائها تعود إلى السماء والأرض ، هذه واحدة
ثم يذكر عدد من يحمل العرش ( الكون ) وهم ثمانيّة بدون تحديد
إذن المنظر العام وحسب ما فهمناه من التحليل السابق هوَ الآتي
1- تقوم القيامة بالنفخ في الصور فتدك الجبال وتنشق السماء
2- يبعث الخلق في مكان جديد ويرون الملائكة على أرجاء العرش الذي كانوا داخله في يومٍ ما والذي تحمله ثمانية
3- يتقدم كل شخص ليعرض عليه عمله
ماهي تلك الثمانية التي تحمل الكون بعد إنهياره ؟؟؟؟
لا أدري حقيقة ، ولكنها بالتأكيد ليست ملائكة ، قد تكون تلك القوى الثمانية التي تحكم الكون والتي نعرف منها حالياَ ( قوى الجاذبيّة / قوى الكهرومغناطيسيّة / القوى النوويّة الكبرى / القوى النوويّة الصغرى ) وهناك قوى أخرى لم يكتشفها العلم بعد تتحكم في الكون من أصغر ما فيه على مستوى الأوتار إلى أعظم مافيه أو شيء آخر
شواهد أعتمدت عليها
يقول الحق سبحانه وتعالى :
فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106)
خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ (107)
وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108)
هنا تأكيد على أن عرش الله ( الكون ) لن يفنى وقد إستخدمه الله كعصفة ذهنيّة لنا لتقريب معنى الخلود في أصحاب الجنّة والنار فيبقى الكون محمولاً بتلك الثمانية حاضراً في أبديّة حتى يشاء الله
سيقول قائل يا سيمبا ماذا عن الآية 7 من سورة غافر
غافر الآية 7
الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم
فهذه الآية تؤكد على أن حملة العرش ليسوا ملائكة لأن الملائكة في يقين والآية تقول ( ويؤمنون به ) فهل هناك عاقل يقول بأن أقرب الملائكة إلى الله ومن يحملون عرشه الذي يجلس عليه ( يؤمنون به )
عرش الله كما قلنا هو الكون ومن يحملون العرش لم يظهروا على اليقين بل هم مؤمنون ، هذه واحدة.
والآية بلفظها تتحدث عن وقتنا الحاضر لأنهم يستغفرون ويطلبون بالدعاء أن يقي الله عباده من عذاب الجحيم وفي يوم القيامة لا إستغفار لأن الحكم والفصل إنتهى ، يقول الحق {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ}
الخلاصة ليسوا ملائكة بل شيء آخر يحمل عرش الرحمن في وقتنا الحاضر وسيحمله في يوم القيامة أيضاً
نكمل
آية واحدة لا يمكن أن نتصورها في في هذه اللحظة إلا لو قال العلم كلمته فيها
هود الآية 7
وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هـذا إلا سحر مبين
يقولون أن الماء ظهر على سطح الأرض من باطنه ولكن هذا الماء لم يكن كافيا لتغطية ثلاثة أرباع اليابسة كما هي عليه اليوم ولهذا رجح العلماء أن الأرض تعرضت في بداية تكوينها إلى قصف متواصل من المذنبات والتي تحتوى على الماء في تركيبتها فالحياة مرتبطة بالماء وقد يكون تشكل الماء حول المجرات وفي أطراف الكون أمراً له علاقة بالآية
قبل أن نختم وحتى لا ندع مجالاً لأحد أقول :
خمس آيات فقط تتحدث عن العرش بمفهومه المعاصر وكلها تتحدث عن ملوك الأرض
يوسف الآية 100
ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هـذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم
النمل الآية 23
إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم
النمل الآية 38
قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين
النمل الآية 41
قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون
النمل الآية 42
فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين
الآن إلى آية الكرسي
لا اظن أن هناك شخص يعلم حجم الكون كما كان عليه سيدي رسول الله بل إنني أجزم بأن لا أحد من قبله وصف حجم الأرض والمجرة والكون كما وصف أحجامهم رسول الله ولكن قبل أن نغوص في آية الكرسي وجب علينا تصحيح بعض المفاهيم
يقول الحق سبحانه في سورة البقرة :(اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)
قالوا لنا ان الكرسي هوَ موضع القدمين للإله المستو على عرشه ، وأن العرش هو سرير له أربع قوائم ... ولا أظن أن مسلم يحمل ذرة من العقل يمكن أن يصدق هكذا تجسيمات للذات الإلهية في الفكر الإسلامي مالم يكن مسلم بالوراثة أو لا يعير هذه الأمور أي إهتمام
فما معنى كرسي ؟
كلمة كرسي مأخوذة من الجذر ( ك ر س ) وتأتي بمعنى : التَّلَبُّدِ والتّجَمُّعِ: فَالْكَرَّاسَةُ هِىَ الْجُزْءُ مِنَ الْكِتَابِ وكَذَلِكَ إِضْمَامَةٌ مِنَ الْوَرَقِ تُهَيَّأُ لِلْكِتَابَةِ فِيهَا والْجَمْعُ كُرَّاسٌ وكَرَارِيسُ وكُرَّاسَاتٌ، والْكِرْسُ هُوَ مَا تَجَمَّعَ وتَلَبَّدَ مِنَ التُّرَابِ وأَبْوَالِ الْبَهَائِمِ وغَيْرِهَا وأَبْعَارِهَا فِي الدَّارِ والْجَمْعُ أَكْرَاسٌ.
كَرِسَ فُلَانٌ يَكْرَسُ كَرَسًا أَىِ ازْدَحَمَ الْعِلْمُ فِي صَدْرِهِ فَهُوَ كَرِسٌ،وكَرَّسَ الشَّىْءَ أَىْ ضَمَّ بَعْضَه إِلَى بَعْضٍ،وكَرَّسَ الْبِنَاءَ أَىْ أَسَّسَهُ،وكَرَّسَ جُهْدَهُ لِكَذَا أَىْ جَمَّعَهُ لَهُ ، وانْكَرَسَ عَلَى الشَّىْءِ أَىِ انْكَبَّ ، وتَكَارَسَ الشَّىْءُ وتكَرَّسَ أَىْ تَرَاكَمَ وتَلَازَبَ،وتَكَرَّسَ أُسُّ الْبِنَاءِ أَىْ صَلُبَ واشْتَدَّ والْمُكَرَّسَةُ مِنَ الْقَلَائِدِ هِىَ مَا نُظِمَ لُؤْلُؤُهُ فِي أَكْثَرَ مِنْ خَيْطٍ وَاحِدٍ ثُمَّ ضُمَّتْ فُرُوعُه وفُصِّلَتْ بِخَرَزٍ كِبَارٍ.
حتى هذه اللحظة نجد أن المعنى لا يخرج عن إحدى هذه : تلبد / تجمع / إنضمام / تراكم وتلازب
والسؤال الآن هوَ عن السبب في إطلاقنا لفظة الكرسي على ما تعارفنا عليه اليوم
وبعد بحث قرأته في إحدى الكتب وجدت أن لفظة الكرسي إطلقت على المقعد المصنوع من الخشب نتيجة إجتماع أجزائه وتراكبها بعضها مع بعض ولهذا كان من معان الجذر ( ك ر س ) مدلولها المادي أيضاً كالتالي :
والْكُرْسِيُّ هُوَ السَّرِيرُ وكَذَلِكَ الْعَرْشُ وكَذَلِكَ مَقْعَدٌ مِنَ الْخَشَبِ ونَحْوِهِ لِجَالِسٍ وَاحِدٍ والْجَمْعُ كَرَاسِيُّ
إذاً نحن أمام معنيين للكرسي
1- هوَ موضع القدمين كما في المرويات
2- هوَ تجمع وتراكم وتلازب للمادة يسع في محيطه كلاً من السماوات والأرض .... وهيَ ما نطلق عليه اليوم لفظة المجرّة وقال الله عنها (مجازاً) الكرسي ، للدلالة على ذلك البناء المنظم والذي إشتد وتكرّس من مادة الكون في بقعة واحدة
فأيهما أقرب للمعنى الصحيح ؟
الآن لنقرأ هذا الحديث
126013 - قلت : يا رسول الله أيما أنزل عليك أعظم ، قال : آية الكرسي ، ثم قال : يا أبا ذر ما السموات السبع مع الكرسي (وفي رواية : ما السموات السبع في الكرسي) إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة ، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة
الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: ابن تيمية - المصدر: مجموع الفتاوى - الصفحة أو الرقم: 6/556
خلاصة الدرجة: مشهور له طرق
الحلقة في الرواية لها مدلول لا يغيب عن أصحاب العقول والرسول يقول فيها أن حجمنا بأرضنا وسمائنا بالنسبة إلى الكرسي ( المجرّة ) كنسبة حجم الخاتم الملقى في فلاة من الأرض ، والفلاة هي الأرض الواسعة كالصحراء (((يبدو أن سيدي رسول الله كان يعلم بأن حجم الأرض لا يساوي شيئاً بالنسبة إلى المجرة التي تحتويه)))
ولنقرأ في رواية أخرى
176213 - ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض
الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: ابن كثير - المصدر: البداية والنهاية - الصفحة أو الرقم: 1/11
خلاصة الدرجة: منقطع وقد روي عنه من طريق أخرى موصولا
هنا ينتقل سيدي رسول الله إلى المقارنة بين المجرة ( الكرسي ) والكون ( العرش ) فيقول في الرواية الأولى إن فضل الكون على المجرة في إحتوائه لها ....... كفضل الفلاة على ذلك الخاتم ويضع لنا مقارنة مماثلة في الرواية الثانية عن نسبة الأحجام ونلاحظ أنه ذكر المجرة على شكل حلقة أيضاً لأصحاب العقول
وعندما نجمع الحديثين نخرج بمفهوم عام يصف حجمنا بالنسبة لملكوت الله فنحن بأرضنا وسمائنا كمثل حلقة في سطح صحراء لا تكاد تظهر هذه الحلقة على سطحها ، وهذه الصحراء كمثل حلقة لا تكاد تظهر على سطح صحراء أكبر بالمختصر
محمد يعلم أبعاد الكون تماماً بناءاً على المرويات
ملاحظة بسيطة :
إن كان الكرسي هو موضع القدمين كما يحلوا لهم في تفسيرها فكيف بالله عليكم يكون حجمه بالنسبة للعرش بهذا الحجم الصغيييييييييييييير جداً جداً !
تخيل أن يكون لك سرير وبجانبه موضع لقدميك بحجم ذرة ، كيف ستضع عليها قدميك ?!