الثلاثاء، 19 يناير 2010

وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا



الزملاء الأعضاء ...... تحية طيبة
يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة الإسراء :
مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا * كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا
بحثت كثيراً في الفكر الإسلامي عن كتاب أو فتوى تتطرق لمسألة الخلود في النار بإسهاب وعن عدالة هذا الخلود ، وبعد بحث لم أجد للأسف إلا رواية شيعيّة منسوبة إلى الإمام جعفر بن محمد الصادق ، وبعض المرويات التي تتحدث عن حسن الظن بالله في كتب السنة ، وأنا هنا لا أستبعد وجود روايات غير ما سأذكر ولكن حسبي أنني حاولت ولم أجد ..... فلعل الزملاء يتحفونا بما لديهم.
حسناً نكمل :
بالعودة إلى الآية السابقة نجد أن الله قد ذكر فيها عطاءاً دنيوياً ونسب هذا العطاء إلى مقام ربوبيته ، وهذا العطاء فيضٌ رباني يتقاسمه البشر بشتى صنوفهم فلا فرق بين مؤمنهم وملحدهم فكلهم سواسية أمام هذا العطاء لأنه فيضٌ جارٍ من مقام الربوبيّة للخالق عز وجل ويبقى للبشر مهمة العمل للحصول عليه مستوفياً أو منقوصاً فالأرض تنبت للمؤمن والملحد على السواء والسماء تمطر عليهما معاً دون تفريق وكنوز الأرض ومقدرات الحياة وعلوم الطبيعة كلها مذللّه ومطواعة لإرادتهما حتى الصحة والراحة النفسيّة ، ولكن هناك من يعمل بكد متسلحاً بالعلم والعمل وهناك من يتكاسل وكأن على رؤوسهم الطير.
وقد نجد عطاء الربوبيّة للملحد وللدول التي يغلب على أهلها الإلحاد أكبر وأشمل وأعم ممّا لدى دول الإسلام والمسلمين وهذا لا يتعارض مع عدل الله ، بل كلٌ يأخذ نصيب إجتهاده من هذه العطايا الربوبيّة ، وما كان عطاء ربك محظورا.
ولكن هناك عطاء أعظم من هذا العطاء الدنيوي يأخذه المؤمنون جزاءاً حسابا ، وهو عطاء يفيض على جميع أهل الجنة ، فإن كانت عطايا الربوبيّة غير محظورة كونها شاملة لأهل الدنيا وكلٌ يأخذ منها على قدر عمله دون تفريق ، فإننا في المقام المقابل أمام عطايا الآخرة وهي عطايا محظورة على الملحدين غير مجذوذة عن المؤمنين وترتقي هذه الأعطية بالنوع والكم من مقام الربوبيّة إلى مقام الألوهية.
فتخيل شخصاً في الدنيا يملك علماً ومالاً وجاهاً وجمالاً وملكاً وصحة وووو ... إلخ ، أي أنه أستوفى عطايا الربوبيّة لأقصى حد ، فإنه في هذا المقام لا يتساوى ولا على وجه التقريب مع أقل أهل الجنة درجة من أولئك المنعمين في عطايا الألوهيّة.

الآن نأتي إلى صلب الموضوع للحديث عن حكمة وعدالة الخلود للملحد
عَنْ الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنَّهُ قَالَ : " إِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ لِأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ خُلِّدُوا فِيهَا أَنْ يَعْصُوا اللَّهَ أَبَداً ، وَ إِنَّمَا خُلِّدَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ لِأَنَّ نِيَّاتِهِمْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا أَنْ لَوْ بَقُوا فِيهَا أَنْ يُطِيعُوا اللَّهَ أَبَداً ، فَبِالنِّيَّاتِ خُلِّدَ هَؤُلَاءِ وَ هَؤُلَاءِ ، ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى : ? قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ (كتاب الكافي للكليني).
هنا نجد أن الإمام جعفر قد جعل الخلود في النار مرتبطاً بالنيّة وأرى أنه قد أصاب نصف الحقيقة من جهة ما ، بينما النصف الآخر نجده في حكمة خلق الموت وفي إنقطاع الأسباب ، فإن أدركناها ووعيناها سنجد أن خلود الملحد في النار هوَ جزاءه العادل ولهذا أستميح القرّاء عذراً للإسهاب في هذه الجزئيّة.

((الموت))
يقول الدكتور مصطفى محمود (رحمة الله عليه) في كتابه لغز الحياة :
إننا نولد صغاراً ، ثم ننمو مع العمر حتى نصبح شباباً ثم نكبر ، ثم يدب فينا الهرم وتدركنا الشيخوخة ونموت .... هذا حالنا وحال ما نرى حولنا من أحياء ، دورة حتميّة تبدأ نامية رابحة يكللها النجاح ثم تنتهي خاسرة فاشلة ، ثم يختم عليها الموت بخاتمه الأزلي.
ولكن الحياة حينما بدأت على الأرض منذ 3000 مليون عام لم يكن هذا شأنها ، لقد بدأت بمخلوق هو في الحقيقة مجرد خلية واحدة تسبح في المستنقعات ، ولم يعرف هذا المخلوق الموت كما نعرفه.
كان الموت لا يدركه إلا بحادثة خارجيّة ، يجف المستنقع أو يلتهمه مخلوق آخر أكبر منه أو تنزل عليه صاعقة ، أما أن يموت كما نموت بلا حادث وبرغم وفرة الطعام ورخاء الظروف في أخريات العمر ، أن يدب فيه الموت من داخله ويشيخ مثلنا... لم يكن هذا ليحدث ، كان مسلحاً ضد الموت الخبيث من الداخل ، كانت دورة حياته غريبة ، وما يحدث له مع تقدم العمر عكس ما يحدث لنا ، فهو ينمو وينمو ويكبر لا ليسلمه الكبر إلى الشيخوخة وإنما ليسلمه إلى طفولة جديدة ، فينقسم عندما يبلغ غاية نموه كما تنقسم العصا إلى نصفين ويصبح مخلوقين كلاً منهما طفل في أول مراحل نموه من جديد ، ثم يعود الإثنان فيصبحان أربعة ثم ثمانية ثم ستة عشر ثم إثنين وثلاثين ثم أربعة وستين في إطراد حسابي بلا موت (وما زال هذا حال الميكروبات في إنقسامها وتكاثرها إلى الآن )
وقد رأينا هذه الخلية تقوم بجميع وظائف الحياة ، جزء منها يتحور على شكل سوط أو أهداب ويقوم بالحركة وجزء آخر يتحور على شكل تجويف معوي ويقوم بإلتقاط الطعام وهضمه وفقاعة داخلية وسط السائل الخلوي الحي تقوم بدور الكلية فتطرد الماء الزائد عن الحاجة.
وظلت هذه التحورات ترتقي في الشكل والقدرة مع الإحتفاظ طول الوقت بوحدويتها وحياتها المستمرة في عزلة عن الآخرين.
ثم بدأت الخلايا المتفرقة تتجمع في شلل وفرق وعائلات ، ثم بدأت الشلل ترتبط وتتلاصق وتتحول إلى نسيج متعدد الخلايا ثم بدأت ظاهرة جديدة تظهر في هذا الكائن المتعدد الخلايا هي ظاهرة التخصص ، مجموعة خلايا تختص بالحركة ومجموعة تختص بالإخراج ومجموعة تختص بالهضم.
ثم حدثت الخطيئة الكبرى حينما طور الكائن الحي له عضواً خاصاً بالتناسل وخلايا خاصة في التناسل ، فقد كان معنى هذا أن الكائن نفسه قد أصبح منذ تلك اللحظة كائناً مؤقتاً ، الحاجة إليه مؤقتة.
أصبح مجرد حامل للبذور، مجرد وسيط يحمل الحيوانات المنوية والبويضات ، إذا قام بنقلها وغرسها في عملية التلقيح إنتهى دوره وأصبح فائضاً عن الحاجة وضيفاً ثقيلاً لا لزوم له يأكل ويشرب بدون وظيفة ، فقد إنتقلت الحياة إلى جيل جديد وحدث التكاثر بالفعل عن طريق الخلايا االتناسلية التي قام بتوصيلها ولم يعد هناك داع لإستمرار وجوده.
منذ هذا التاريخ بدأ الموت يغتال هذه الكائنات المتخصصة الراقية من داخلها ، فيصيبها الشيخوخة والذبول والفناء.
ويحدث احياناً ان نرى هذا المصير بطريقة دراميّة ، فنشاهد في حشرة مثل (ذبابة مايو ) أطوار النمو تستغرق عدة سنوات حتى تصل الحشرة إلى طور البلوغ ، ولا تكاد تبلغ حتى تموت بعد يوم من بلوغها ميتة دراميّة بعد التلقيح مباشرة ( في ليلة زفافها ) ... إنتهى كلامه
إلى أين أريد ان أصل من نقلي لكلام الدكتور مصطفى محمود
ما أريد الوصول إليه هوَ أن الموت كما نعرفه عبارة عن حادث طارئ وليس من أساسيات الحياة القائمة على الديمومة مادامت الظروف ويعضد هذا قول الحق سبحانه وتعالى  ( إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)
فالحق في الآية السابقة جعل إخراج الحي من الميت في الفعل (المضارع) بينما جعل إخراج الميت من الحي (إسم فاعل) وهذا عين ما تحدث عنه الدكتور مصطفى محمود عن  ظهور الموت وإغتياله للكائنات ،  إننا لو قرأنا آيات القرآن سنجد أن الموت يذكر قبل الحياة وهذا فيه دلالة على أن الموت هوَ من ميّز الحياة كما ميّزت الظلمة قناديل النور فالموت بناءاً عليه من أعطيات الربوبيّة المكتوبة على الجميع مؤمناً كان أم ملحد فالموت رغم بشاعته إلا أنه رحمة ، فلتفكر بهذا ملياً.

((إنقطاع الأسباب))
إن الحياة الأخرويّة لهي تجسيد حقيقي لأماني الملحد الدنيوية
فالملحد يعيش في هذه الدنيا متمتعاً بأعطيات من يكفر بوجوده وبهذا فهو ليس ملحداً خالصاً لأنه يقبل بهذه الأعطيات طواعيةً ، وهو لا يدري بأن من سهلها له هوَ الله الذي يكفر به ، بينما في الآخرة فإنه سيعيش حياة الإلحاد الحقيقيّة بعيداً عن الله كما كان يتمنى في الدنيا أو كما كان ظنه بالله فيها ، سيُجرب الحياة دون رب وإله ، هناك لن يجد من يسنّ له قوانين طبيعية تكون مطواعة له ، فلا السماء تمطر ولا الأرض تنبت ، فالنار هي تجسيد الغياب ( فقد نسوا الله في الدنيا فنسيهم ) وهذه هي مرحلة إنقطاع الأسباب وغياب الرب وفناء الأعطيات.
الغريب في الأمر أن الملحد سيعيش غير مدرك لهذه الحقيقة فينادي الله ويطلب العفو تارة ، وتارة أخرى يصب جام غضبه على من أغواه وكأن لهذا الفعل ميزاناً قد يأخذه الله بعين الحسبان.
ولكن هذا الأمر لن يستمر طويلاً عندما تذهب السكرة وتأتي الفكرة ، فنجد تجسيد هذا الأنهزام في الآية 77 من سورة الزخرف التي يتحدث الله فيها على لسان الملحدين :
(إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ * وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ)
هنا نجد أنهم أدركوا غياب الله وأنهم يعيشون حياة الإلحاد فنجدهم يوجهون خطابهم إلى مالك علّه يفيدهم ، وبإمكانك عزيزي القارئ أن تميّز إدراكهم لإنقطاع الرب عنهم في هذه الآية بوضوح تام عندما تقرأ صيغة الخطاب الذي يستخدمونه ، فهم لم يقولوا لمالك فليقضي علينا ربنا ، لأنهم لمسوا حقيقة أن لا رب لهم اليوم وعليهم العيش بهذه الحقيقة وهذه الأمنية التي تمنوها ، بل قالوا فليقضي علينا ربك يا مالك....
الأمر الآخر الذي يدعو للرثاء لحالهم أنهم لم يطلبوا من الرب أعطياته الربوبيّة التي ألفوها وإستحسنوها في الدنيا وما أكثرها بل للأسف نجدهم يطلبون أبشع تلك الأعطيات وهي الموت ولكن هيهات أن تكون ، فليس هناك من رب ليخرج لهم الموت فعليهم أن يخرجوه لأنفسهم.
صدق الحق حينما قال (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ)
فأين الظلم معاشر الإلحاد إن أعطاكم الله الحياة التي أردتموها حينما غرتكم الأماني في الدنيا ، فحقق لكم أمانيكم؟
أين الظلم إن ترككم تعيشون بدونه فنسيكم كما نسيتموه في الدنيا؟
أين المشكلة في الخلود إن كان الموت من صنع الله وقد سحب منكم ما يخصه فأصبحتم بذلك خالدين؟
أن كان الملحد يتخذ من الكون رباً ومولى له وخالقاً في الدنيا كما نقرأ في المنتدى فإنه سيعيش في الآخرة في النار لتكون له رباً ومولى , فليطلب منها علمها الطبيعي حينذاك لعله يغيّر الحال (مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )
.... أين الظلم أين؟ ...

((بقي في جعبتي أمرٌ صغير قد يكون كما تصورته أو قد لا يكون والعلم عند الله))
تقوم المادية الجدلية في فلسفة ماركس على قوانين الدياليكتيك ، ما يهمني فيها هوَ قانون وحدة صراع المتناقضات
يقضي التفكير الجدلي بان المتناقضات التي تؤثر في بعضها تكون في دائرة واحدة وبان المتناقضات تكون في وحدة واحدة ، دعونا هنا من طبيعة القانون المادية ولنتحدث بشكل عام , فهل سنعيش صراع المتناقضات من طرف واحد في الآخرة ؟ ... دعونا نرى
إن الجنة والنار في الفكر القرآني ليستا منفصلتين في كيانين مختلفين ، بل موجودان في مكان واحد كدائرتين إحداهما في داخل الأخرى مكونين بذلك الوجود الأخروي
يقول الحق سبحانه (وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا) فكل البشر ستسير من دائرة النار الظاهرة إلى دائرة الجنة الباطنة (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا) ونقرأ أيضاً (فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ)
وهنا أقول ، قد - وأكررها - قد يكون لخلود الملحد في النار علاقة بخلود المؤمن في الجنة لأن فناء النار يعني بالضرورة فناء النعيم في الجنة لأنها - أي الجنة - ستتحول إلى ضم النقيضين بشكل مباشر .... ربما والله أعلم
 



بالنهاية أقول للملحد ( مبروك عليك تحقيق الأماني فأنت مقدم على عالم بلا إله وبلا رب ، عالم إلحادي محض ... يا بختك يا عم )
وأقول للمؤمنين ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ )


الاثنين، 18 يناير 2010

إمكانية البعث




تخيل معي أنك تعرضت لحادث أدى إلى بتر يدك وأن الأطباء كانوا يملكون تقنية فائقة بإستطاعتها إعادة اليد المبتورة دون أي أثر وكأن شيئاً لم يكن فهل يمكننا أن نقول أن ما تم أعادته إليك هي يدٌ أخرى ؟ أم أنها ذات اليد ؟
تخيل الآن أن البتر حصل ليديك ورجليك !
تخيل الآن أن البتر حصل بشكل ثلاثي لكلٍ من يديك ورجليك !!
تخيل ما هوَ أكبر الآن وهو أنك دخلت إلى مفرمة ثم أستطاع الأطباء أن يعيدوا كل جزء إلى موضعه بالضبط دون أي أثر لغرز أو جراحة ( لمسة سحرية من تقانة أدنى من النانو مثلاً وصورة من بصمة الخلايا ومواقعها في أرشيفك الشخصي قبل دخولك للمفرمة ) فهل أصبحت الآن شخصاً آخر أم أنك ذات الشخص بكينونته وبكل تفاصيله ؟
عامل الزمن مهم جداً هنا ولهذا يجب علينا أن نتخيل عدم موتك رغم دخولك إلى المفرمة (بمعنى أن الزمن هنا هوَ كمٌ متصل ). 

الإنسان ليس مجرد مادة منفردة بل وعي وإدراك نتيجة لتراكب المادة فطالما أن الإدراك كان مستمراً دون إنقطاع قبل الفرم وما بعده فإن تخيّل بقائه دون تخلله بالعدم يصبح أمراً ممكناً ، فالعدم ( تفكك المادة عن مضيفها وإنقطاع زمانه ) هوَ ما يجعل من إعادة الشيء أمراً مستحيلاً.
يبدو أننا نسير بشكل سليم حتى الآن.

(((دعنا نرجع بالزمن الآن إلى عصر النبوة)))
فإن أخذنا القرآن كوثيقة تاريخيّة تنقل لنا معارضات قريش للنبي في مسألة إعادة الموتى فإننا نجد توثيق ما ذكروه على النحو التالي :
وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (يس)
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ (النمل)
أغلب الآيات التي تتسم بتوثيق تلك المعارضات لا تخرج عن مفهوم قريش عن الموت وهوَ تحلل الجسد إلى عظام وتراب ، ولو أنهم تطرقوا إلى تناثر مكونات الإنسان في كائنات أخرى لذكرها محمد ( عليه السلام ) في قرآنه وذكر بعدها آيات للرد عليها ، هذا إن سلمنا جدلاً بأنه هوَ كاتب القرآن ....
ولكننا إن بحثنا عن أيات من تلك النوعيّة فإننا لن نجدها وذلك لسبب بسيط وهوَ أنها لم تخطر ببالهم أو أنها أكبر من تفكيرهم في تلك الفترة ، فهم لم يتحدثوا عن تخلل الزمن بالعدم كون الزمن جزء من تشخيص الكائن الحي بل تعجبوا من إحياء من أصبح وجوده عبارة عن عظام وتراب.

(((لنرى كيف عالج القرآن قضيّة البعث للجسد بعينه)))
سورة كاملة في القرآن تسمّى سورة البقرة ، وبرغم أن تلك السورة تحدثت عن أمور عقائدية في غاية الأهميّة وتحتوي على أطول آية في القرآن - آية الدَين - وتضم أيضاً - آية الكرسي - عظيمة الشأن ، برغم ذلك فإننا نجد أن تسميتها أخذت ( بضم الألف ) من حادثة عابرة في قصة موسى مع بني إسرائيل فلنقرأ تلك الحادثة من القرآن
يقول الحق سبحانه وتعالى :
وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
هذا الآية تدخلنا في ما يسمى بقضية الآكل والمأكول و أظن أن الآية من سورة البقرة تتحدث عن هذه المسألة تحديداً فتعطينا فكرة عن الطريقة التي ستبعث بها الأجساد ( كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى ) فإعادة الحياة لتلك النفس التي قتلت مُرتهن بموت بقرة مخصوصة بعينها وليس كما قالوا لنا ( إنْ ذبح بنو إسرائيل أي بقرة دون الدخول في التفاصيل لكفتهم ) فالحق سبحانه أرادها بصفات محددة منذ البداية كي تصل فكرة البعث المتراكب لمن يعقل ويتدبّر فختم الآية بقوله ( وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ )

خذ مثال آخر في قصة إبراهيم مع الطير ، فرغم أن بعث الطائر الواحد يفي برد السؤال إلا أن الله طلب منه أربعة من الطير لكي يري كيف يعود كل جزء منها إلى طائره وكيف تتراكب وتدب فيها الحياة.

مادة كل شخص منّا لا تفنى وإن كانت على مستوى الكواركات فهذه مسلّمة عند أصغر دارس للعلوم فالعدم مفهوم ذهني ليس له وجود في أرض الواقع ، فجسد سيمبا عبارة عن تراكب من مليارات المواد التي دخلت في تركيب المليارات من الحيوانات والنباتات والجمادات في الزمن السابق ولو تمعنّا قول الحق في الآية من سورة يس نجد توضيحاً لهذا المعنى بشكل عظيم (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ)
فالعلم هنا هوَ علمٌ شمولي بدلالة اللفظ (عليم) على وزن (فعيل) والتي تأتي للدلالة على المبالغة في الصفة ، فيعلم الله منتهى كل ذرة من ذراتك فما دونها وأين أصبحت ( يعلم مستقرها ومستودعها ) ، إن كانت في بقرة أو زهرة إو في طوبة إن كانت في باطن الأرض أو في جو السماء (يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) ويعلم مواضعها وأين كان موقعها تحديداً في بدنك لتتراكب وتتخلّق على هيئتها التي كانت عليها ثم تتراكب في بدك في أماكنها وعلى حالتها قبل موتك فيكون هوَ ذات الجسد بعينه لا تكراراً أو نسخة عنه ....

(((حتى هذه اللحظة يكون عامل الزمن المنقطع هوَ المعضلة الباقيّة)))
ولكن قبل التطرق لهذه المسألة يجب أن نأتي بدليل قاطع على أن البعث يكون على دفعات وليس مجملاً حتى ندعم ما ذكرنا سابقاً ونحيل قضيّة الآكل والمأكول إلى سراب
( فإن كان جسد سيمبا قبل الوفاة يحمل شيئاً يخصّ غيره فلن يبعث سيمبا قبل أن يبعث من هوَ سابقٌ لهُ في الخلق ) بمعنى أن البعث للحساب بذات الأبدان يتم حسب التسلسل الزمني على الأرض.
وهنا ستبرز لنا هذه الآيات لتؤكد هذا المعنى
من سورة (ص)
هَذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ قَالُوا بَلْ أَنتُمْ لا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ
أظن أنها واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار.
وكذلك الآيات من سورة (الأعراف)
قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِن لاَّ تَعْلَمُونَ
وكذلك الآيات من سورة ( الزمر)
وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ.

(((الآن ماذا عن الزمن ؟)))
ما أنا متيّقن منه أن الموت إتصال وليس إنقطاع فزمن الميت محسوب عليه وإن كان لا يشعر به كالنائم تماماً فوصف الموت في آيات القرآن وصف له دلالة ومعنى ، فالموت حسب العُرف السائد عندنا هوَ إنتهاء الحياة وإنقطاعها بينما الحق يجعل الموت نوعاً من أنواع النوم ويضع له تصوّراً مبدئياً في قصة أهل الكهف فجعل القيام من النوم في تلك الآية بعثاً.
وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ
ومن سورة الزمر نقرأ الآية :
اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
هنا نرى أن الموت والنوم يشتركان في الوفاة والفرق بينهما أن النفس في الأولى يتم إمساكها ( فتسمى موتاً ) وفي الثانية يتم إرسالها ( فتسمى نوماً )
فإن كان الإنسان لا يفقد ذاته في كل مرّة يقوم فيها من نومه فإن النفس البشريّة كما رسم ملامحها القرآن لا تعدم (بضم التاء ) حين الموت بل يتم إمساكها من العودة بعد أن يتوفاها الله من الجسد لتعاد إلى ذات الجسد بعينه يوم القيامة ولا تشعر بإنه قد تم إمساكها ولا إن كانت المدة المنقضية ثلاثمئة سنين وإزدادوا تسعاً كما في أهل الكهف أو 1000 قرن من الزمان حتى يوم القيامة ، فزمانها بناءاً عليه زمناً متصلاً وليس منقطعاً كما وأن زمن كل ذرة في الجسد الذي ستعود إليه بعد حين هوَ أيضاً زمناً متصلاً وليس منقطعاً حتى وإن دخلت في تركيب المليارات من المخلوقات سواها عبر سيرورتها في الوجود الدنيوي وهذا ما أؤمن به يقيناً من كلام القرآن والذي يشهد بأنه ليس من كلام محمد ، لأن تصور المسألة بهذه الطريقة التي لا تتعارض مع المنطق الفلسفي فوق مستوى علمه.

(((الآن دعونا نتخيل عملية البعث)))
بعد موت الإنسان لا ينقطع زمانه بل يبقى كماَ متصلاً ويدخل في سبات عميق.
ذراته التي تحللت وتناثرت لا ولن تفني خلال سيرورتها في الوجود ... وهذا أمرٌ مسلّم به.
عندما يحين موعد البعث للأجساد فإنها تسير وفق التسلسل الزمني على الأرض فإن كان في جسدك شيئاً يخصّ رجلاً عاش قبلك بمائة الف عام فإنك لن تبعث حتى يبعث هوَ أولاً للحساب.
حينما يتم بعث الجسد فإن الذرات تتراكب على ذات الهيئة التي كانت عليها ومن ثم تتراكب في مواضعها تماماً في بدن الشخص مشكلة بذلك الجسد بعينه لا نسخة منه.
النفخة الأخرى من الصور يتم فيها إطلاق الأنفس التي تم إمساكها حسب تسلسلها الزمني على الأرض من الأقدم فالأحدث.
زمن الذرات كم متصل مثلها مثل النفس التي قبضت حين الموت وعندما تعود النفس إلى جسدها يفتح الميت عينيه فيقوم كأن لم يلبث إلا ساعة من نهار كالنائم الذي لا يدرك الزمن ( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ).
فمن هنا نجد أن محمداً قد قدم لنا تصوراً ليوم القيامة لا يعارض شيئاًَ من مفاهيم الفلسفة فالنفس في القرآن لم ولن تدخل في العدم بإنقطاع الزمن حتى تعود منه مرة أخرى كما وأنها لن تدخل في بدنٍ مشابه أو مكرر عن الأصل بل إلى ذات البدن بعينه.

الآن إسأل نفسك كملحد مالذي يجعل محمداً يتطرق إلى مسائل من هذا النوع لم يذكرها اهل مكة أو من كانوا في زمانه ؟
لماذا إعتبر الموت نوماً ولم يوافقهم على كون الموت فناءاً وعدماً ؟ لماذا لم يترك الأمر لقدرة الله في الإحياء مرّة أخرى وهو القادر على كل شيء ؟
لماذا يجعل البعث حسب التسلسل الزمني الأرضي فيدخلون زمراً زمراً وأفواجاً أفواجاً ؟

لماذا قدّم لنا أحد أهم المعضلات الفكريّة بهذا الطرح البعيد كل البعد عن قدرة الله العظيمة ؟
حاول أن تجيب على هذه الأسئلة ثم إسأل نفسك أين هوَ موضع ( الأنا ) فيك ؟

أترك الإجابة لكم

الإنسان لا يرى ذاته بصورتها أبداً




الإنسان لا يرى ذاته بصورتها أبداً

لأن الأنا في داخله عبارة عن وهم كبير


ينسج منه أساطير عظمى


يخيّل إليه أنه الأفضل أنه الأحسن


بل يشعر دوماً أن هناك ما يميّزه عن الآخرين


هذه النظرة ليست نرجسيّة ولا أنانيّة بل هي أماني


هي حب وتقدير للذات


لهذا الكيان المتمازج مع الأنا والذي تصنعه بيديك


وتراه ينمو ويكبر


ولكن هل هذا الحب للذات والتي هيَ عبارة عن وهم كبير كما قلنا سابقاً تستحقه فعلاً


إن معرفة القيمة الحقيقية للإنسان تظهر في وجوه الآخرين


فمن أراد أن ينظر إلى ذاته


فلينظر إلى ردة فعل الآخرين تجاهه


وليس كل الآخرين


بل أناس مخصوصين ومقربين منهم


يكونون قد شاهدوا كيانك بكل تناقضاته


فهم هنا عبارة عن مرآة ترى فيها ذاتك


وأفضل المرايا هي تلك التي تكون الأقرب منك


لقد رأيت ذاتي في عيون من أحب


رأيت كم هي متناقضة وفيها الكثير من العيوب


فهوى ذلك الوهم الكبير وتقزّم حتى عاد إلى كنته الحقيقيّة


وجدت ذاتي عبارة عن إنسان لا أكثر ولا أقل


لقد رأيت في تلك المرآة وجهاً قبيحاً لم أره من قبل

 

المرآة السليمة لا تكذب بل تعكس عين الحقيقة


ولأن هذه الحقيقة مرة كالحنظل فكنت أكذب عيناي عوضاً عن ذلك


و لأن الإعتراف صعب


كنت أدعّي بأن هناك غشاوة على عيني


أو ضباب يلف كياني


أو أتربة عالقة على سطح المرآة اللعينة


وحين لمست الحقيقة ورضيت بها كان الأوان قد فات



ومع ذلك


فأنا اقسم بان تلك الصورة ليست لي


رغم أنها تعكس تفاصيلي بكل معنى الكلمة


وتظهر قبح منظري


إلا أنها لاتزال عاجزة عن رؤية ما هو في داخلي


فما هو بالخارج مجرد كينونة مادية


ولكن الأنا أمرٌ يصعب على أفضل المرايا أن تعكسه


ولهذا فأنا أقسم بأن تلك الصورة ليست لي


لأني اؤمن بالأنا الداخلي وليس الكينونة المادية الخارجيّة

 

لا أدري لماذا أشعر بالغربة في وطني


فوطني هو حضن حبيبتي


فهل فقدت الإنتماء


هل سحبت من تحت قدماي أرضها


هل دفعتني عن حضنها وتخلت عني


هل عليّ أن أعود إلى وطني القديم


هل عليّ أن أعود إلى حضن أمي مرة أخرى


فهو الوطن الذي يفتح ذراعيه دائماً لإحتوائي


لا يهتم لعيوبي لأنه عاصرها وهو أدرى بها


إنه الوطن الذي إستطاع أن يرى نصف كأسي المملوء


هو الذي مازج بين عيوبي ومحاسني


فوجد أمامه كياناً يستحق الإنتماء رغم ذلك



من الصعب أن ترى حمرة التوت دون أن تمد يدك


من الصعب أن ترى صفاء العسل دون أن تلعق إصبعك


الأصعب هو أن تتجسد كل المغريات في قالب واحد فيرفضك



مجرد كلمات كتبتها كيفما جالت بخاطري وسطرتها للذكرى


لعلي أعود إليها يوماً


لأرى الماضي الذي عايشته


واسأل نفسي هل كان حلماً أم خيال


هل كنت في وعيي أم أنها أصدق ما كتبت حتى الآن


هل سأضحك حينها أم سأعيد سكب أحزاني مرة تلو الأخرى


هل يا ترى ستتحمل وسادتي المزيد من الآهات


هل ستمر ليلتي بعد ذلك ممنياً نفسي بفجر جديد



هل ياترى هل ؟؟؟


لا أدري.