الإنسان لا يرى ذاته بصورتها أبداً
لأن الأنا في داخله عبارة عن وهم كبير
ينسج منه أساطير عظمى
يخيّل إليه أنه الأفضل أنه الأحسن
بل يشعر دوماً أن هناك ما يميّزه عن الآخرين
هذه النظرة ليست نرجسيّة ولا أنانيّة بل هي أماني
هي حب وتقدير للذات
لهذا الكيان المتمازج مع الأنا والذي تصنعه بيديك
وتراه ينمو ويكبر
ولكن هل هذا الحب للذات والتي هيَ عبارة عن وهم كبير كما قلنا سابقاً تستحقه فعلاً
إن معرفة القيمة الحقيقية للإنسان تظهر في وجوه الآخرين
فمن أراد أن ينظر إلى ذاته
فلينظر إلى ردة فعل الآخرين تجاهه
وليس كل الآخرين
بل أناس مخصوصين ومقربين منهم
يكونون قد شاهدوا كيانك بكل تناقضاته
فهم هنا عبارة عن مرآة ترى فيها ذاتك
وأفضل المرايا هي تلك التي تكون الأقرب منك
لقد رأيت ذاتي في عيون من أحب
رأيت كم هي متناقضة وفيها الكثير من العيوب
فهوى ذلك الوهم الكبير وتقزّم حتى عاد إلى كنته الحقيقيّة
وجدت ذاتي عبارة عن إنسان لا أكثر ولا أقل
لقد رأيت في تلك المرآة وجهاً قبيحاً لم أره من قبل
المرآة السليمة لا تكذب بل تعكس عين الحقيقة
ولأن هذه الحقيقة مرة كالحنظل فكنت أكذب عيناي عوضاً عن ذلك
و لأن الإعتراف صعب
كنت أدعّي بأن هناك غشاوة على عيني
أو ضباب يلف كياني
أو أتربة عالقة على سطح المرآة اللعينة
وحين لمست الحقيقة ورضيت بها كان الأوان قد فات
ومع ذلك
فأنا اقسم بان تلك الصورة ليست لي
رغم أنها تعكس تفاصيلي بكل معنى الكلمة
وتظهر قبح منظري
إلا أنها لاتزال عاجزة عن رؤية ما هو في داخلي
فما هو بالخارج مجرد كينونة مادية
ولكن الأنا أمرٌ يصعب على أفضل المرايا أن تعكسه
ولهذا فأنا أقسم بأن تلك الصورة ليست لي
لأني اؤمن بالأنا الداخلي وليس الكينونة المادية الخارجيّة
لا أدري لماذا أشعر بالغربة في وطني
فوطني هو حضن حبيبتي
فهل فقدت الإنتماء
هل سحبت من تحت قدماي أرضها
هل دفعتني عن حضنها وتخلت عني
هل عليّ أن أعود إلى وطني القديم
هل عليّ أن أعود إلى حضن أمي مرة أخرى
فهو الوطن الذي يفتح ذراعيه دائماً لإحتوائي
لا يهتم لعيوبي لأنه عاصرها وهو أدرى بها
إنه الوطن الذي إستطاع أن يرى نصف كأسي المملوء
هو الذي مازج بين عيوبي ومحاسني
فوجد أمامه كياناً يستحق الإنتماء رغم ذلك
من الصعب أن ترى حمرة التوت دون أن تمد يدك
من الصعب أن ترى صفاء العسل دون أن تلعق إصبعك
الأصعب هو أن تتجسد كل المغريات في قالب واحد فيرفضك
مجرد كلمات كتبتها كيفما جالت بخاطري وسطرتها للذكرى
لعلي أعود إليها يوماً
لأرى الماضي الذي عايشته
واسأل نفسي هل كان حلماً أم خيال
هل كنت في وعيي أم أنها أصدق ما كتبت حتى الآن
هل سأضحك حينها أم سأعيد سكب أحزاني مرة تلو الأخرى
هل يا ترى ستتحمل وسادتي المزيد من الآهات
هل ستمر ليلتي بعد ذلك ممنياً نفسي بفجر جديد
هل ياترى هل ؟؟؟
لا أدري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أضف تعليق