الأربعاء، 20 يونيو 2012

هل أتاك حديث البيّنة ( محاولة رسم تخيلي )

هل البيّنة حقٌ علينا كمؤمنين أم عليهم كملحدين ؟
في هذه السطور سأحاول تقديم إجابة  بقصة بسيطة مكونة من سبعة مشاهد ... فتخيلوها بحذافيرها

(ليلة في جزيرة الجُرف)
المشهد الإبتدائي : مذكرات على طاولة

منظر إبتدائي لكتاب مذكرات مفتوح بأوراق متجعّدة وكأنها إبتلت ثم جفت وبجانب الكتاب شمعة ذائبة بلهب صغير في رمقه الأخير يضيء فقط الصفحة اليمنى من المذكرات ونقرأ فيه :
اليوم هوَ الثالث عشر من أكتوبر من العام 1999
في صباح هذا اليوم كنّا انا وصديقي فينيق على ظهر اليخت في رحلة إستجمام ليوم كامل على بعد 20 كيلو متر تقريباً من السواحل الغربية للمغرب وكان الجو جمـ ..... ( هنا بعض الأحداث البسيطة عن جمال الرحلة الإستجماميّة وحتى منتصف الليل لا داعي لذكرها ) .... ثم في حوالي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل تلبدت السماء فجأة بالغيوم وهبت رياح قوية أخذت تتقاذف اليخت إلى دون وجهة حتى أوصلتنا إلى ظلمات المحيط ، ومن شدة الرياح وتلاطم الأمواج أطفأنا المحركات ونزلنا إلى أسفل اليخت للحفاظ على أنفسنا من الوقوع من على ظهره إلى لجّة البحر  الهائج ولم نصعد إلى السطح إلا عندما سمعنا صوت إرتطام قوي لليخت هز المكان لنسرع إلى السطح فوراً ونجد أن اليخت قد تحطم فوق الشعاب المرجانية لجزيرة مجهولة..... (وهنا يخبو ضوء الشمعة ويحلّ الظلام)


المشهد الأول : ما بعد العاصفة

منظر قريب لتكسُّر الأمواج فوق الشعاب المرجانية (مع موسيقى تصويرية مصاحبة) ، ثم تبتعد الكاميرا ليظهر اليخت مائلاً على جانبه الأيمن وفي الخلفية أفق ممتد إلى أعماق المحيط في لحظات بزوغ شمس الصباح ويظهر على اليخت أيضاً كسر طولي ممتداً من المقدمة إلى المنتصف وسيمبا وفينيق فوق المقدمة ينظرون إلى الأمام بتجاه الكاميرا.


تتحرك الكاميرا بعدها بحركة دائرية حول اليخت لتظهر يابسة الجزيرة تغطيها غابة كثيفة من أشجار جوز الهند (تزداد هنا وتيرة الموسيقى المصاحبة ) ، ثم تتحرك الكاميرا صعوداً ومبتعدة عن الجزيرة ليظهر جبل عملاق يفصل الجزء الشرقي منها عن الجزء الغربي تماماً ( تنتهي الموسيقى التصويرية بقرعات مدوية ثم تنخفض مع آخر قرعة ) ومن ثم شاشة سوداء 

المشهد الثاني : على أرض الجزيرة
ماتزال الشاشة سوداء ومن خلفها أصوات لضرب الماء بالأيدي والأقدام
فينيق : أين نحن ؟
سيمبا : لا أدري يا صديقي ، نحن تائهان ، ولا يهم الآن أين نحن بل الأهم أننا نجونا من العاصفة
تنقشع الشاشة السوداء عن فينيق وسيمبا وهما ممدان على رمال الشاطئ بملابس مبللة 
فينيق يمسك بيد سيمبا بعد أن رآه مغمضاً عينيه ويقول بصوت عال : هل سنبقى هنا حتى نفيق من الصدمة  ، قم يا سيمبا ليس هناك وقت للراحة ودعنا نفكر في سبيل للعودة  ،،، كم أنت بارد يا أخي ( ثم بصوت منخفض قليلاً ) لا لن أبقى هنا ، أنت أعزب وأنا من ليلة البارحة وفي وسط الزوبعة صورة زوجتي وأبنائي لم تفارقني للحظة   ...  لا أريد أن أسجن هنا
سيمبا : صبرأ فينيق لما الإستعجال ،،، ما يهمني الآن هو  أنني مرهق بدنياً ونفسياً وليس عندي وقت للمجادلة وثانياً لما أنت خائف ، لااااا ، لا تخاف على زوجتك والأولاد ،،،،، إن الله معنا
فينيق : وما دخل ربك ودينك هنا ،،،، ( ثم يقول بحدة ) إقضي وقتك في التغزل بالبحر والرمل وغط في النوم أما أنا فلا وقت لدي ( ثم يقلب ظهره ويتوجه إلى الغابة )
سيمبا : هههههه  إلى أين ذاهب يا صاحبي  ..... فينيق ....... فينيق إنتظر أنا قادم معك ،إنتظر يا أحد الطيور المنقرضة
هنا يتوقف فينيق فجأة ويلتفت إلى سيمبا
فينيق : أولاً الفينيق طائر أسطوري مثل أساطير دينك  وليس بطائر منقرض   ، ثانياً أنا ذاهب  للبحث عن أي فاكهة  صالحة للأكل بدلأً من الجلوس معك لترفع ضغطي
سيمبا : رويدك يا صاحبي  ،،، الفينيق طائر منقرض وليس أسطوري ولكن أصدقاء داروين لم يصلوا إلى أحافيره في شواطئ فينيقيا حتى هذا اليوم هههه ، لا وبكل جديّة أنا أتقبّل نظرية داروين في أصل الأنواع ولكني كنت أمازحك حتى أنسيك المصيبة التي نحن فيها .... هدئ من روعك ولا تأخذها بتكلّف
فينيق يستدير ويواصل السير نحو الغابة بخطوات أسرع
سيمبا : أتقول عن دمي بانه بارد  ؟ والله إن دمك نار تغلي من الداخل .......... فينيق إنتظر ، إنتظر يا أحد طيور الأساطير

المشهد الثالث : في وسط الغابة الكثيفة

سيمبا : يا رجل تترك أشجار جوز الهند في الشاطئ وتأتي للغابة ؟ ، ألا تضع أي إحتمال  بأننا سنتوه عن مكان اليخت ، ثم ما حالنا ساعة إذن ، وثم....
فينيق مقاطعاً : جوز الهند انا لا أستسيغه  لكن من  الممكن أن نشرب ماءه وأعتقد بأننا سنجد ثماراً أفضل في الغابة ، أي شيء ممكن يفيد واليخت سنستطيع الرجوع إليه  ، فلا تخف ، انا أعلم ما أقوم به  .... سيمبا أتسمعني ؟
سيمبا : تعال تعال وجدت إفطاراً معتبراُ ، إنظر فوق رأسك ..... أتعرف هذه الشجرة
فينيق : أوتعرفها أنت ، فثمارها تبدو بشكل غريب !
سيمبا : نعم ، هذه شجرة الجاكا ، هيّا إصعد وإلتقط لنا بعض الثمار
فينيق : ولكنها شجرة طويلة جداً وجذعها سميك ، إصعد أنت
سيمبا : لا أنا لا أعود بأصولي إلى أحد سلالات القرود وفوق هذا تسلق الأشجار ليست في جيناتي وأيضاً.....
فينيق : إصمت أرجوك وأرعني سكوتك ، سأصعد أنا وكف عن الثرثرة الفارغة
فينيق يتسلّق ثم يتوقف بمنتصف الشجرة ( منظر أفقي لفينيق في منتصف الشجرة وعينيه ثابتتان ثم تتحرك الكاميرا حوله 180 درجة لتظهر أدخنة وبيوت من بعيد
سيمبا : مالك تجمّدت في مكانك ؟
سيمبا : لحظة لحظة ، ماذا حدث لماذا تنزل بهذه السرعة ؟! ... ههههههههه لأول مرّة أعلم يا فينيق أن لديك مرض الرهاب من المرتفعات يا جبان
فينيق بعد أن نزل  أخذ يجري صائحاً : إلحقني يا سيمبـــا إنه الفرج
سيمبا يركض خلفه بين الأشجار : ماذا حدث ؟، ماذا رأيت ؟ قف و أعلمني ..... لا تجري  هكذا مثل العدّائين في السباقات ، سوف نضيع يا فينيق .... سنضيييييييييييع يا بني آدم
فينيق يتوقف وبأنفاس متقطعة : وأنا فوق تلك الشجرة يا سيمبا رأيت بيوت وبشر بمحاذات الجبل الذي أمامنا  ، هم بعيدين قليلاً ، لكن نستطيع الوصول إليهم لطلب المساعدة  .... بسرعة أنا لم أصدق ما رأيت ...آه وقبل أن أنسى ، لا تنعتني ببني آدم مرة أخرى أتفهم
سيمبا : ربي ،،، ما الذي جعلني أتوه مع شخص ملحد
ها قد عدنا مجدداً ، لا حول إلا بالله ، قلب ظهره وولى هارباً  .... فينيق إنتظر

المشهد الرابع : ساحة القرابين

ساحة كبيرة ممهدة بأحجار سوداء حولها منازل مبنيّة من جذوع الأشجار وجدرانها من الطين مزيّنة بالأصداف وعليها زخارف لأحياء بحريّة ، في وسط الساحة مجموعة من الناس جاثية على الركب مطرقي الرؤوس وتهمهم ببعض الكلمات وينتشر حولهم في الساحة الكثير من الأطفال يلعبون حيث تختلط صيحاتهم في اللعب مع همهمات اؤلئك الجاثين على الركب
الكاميرا تتجول في أنحاء المكان ملتقطة وجوه وأصوات تلك المجموعة في وسط الساحة ثم تلتقط معارك كلامية بين طفلين على قرد صغير تطوق عنقه حلقه مربوطة بسلسلة صدئه ثم تأخذ الكاميرا المكان بحركة دائرية لتظهر الساحة محاطة كلياً بأشجار الجاكا ماعدا الجهة الغربية حيث يرزح جبل عملاق بمنحدر شديد مصقول بحرفيّة وينتهي هذا المشهد بصورة للسماء وهي تتلبد بالغيوم
تبدأ الآن موسيقى مرعبة لقرع طبول في الخلفية ثم مسقط رأسي للكاميرا قريب للبحر ثم يظهر في المشهد من الجهة اليسرى دخول لصحن دائري يطفو فوق الماء عليه رأس مقطوعة لقرد عجوز بفم مفتوح وأنياب كبيرة بارزة ومرعبة وتندمج هنا موسيقى الطبول مع تلك التمتمات التي ظهرت في وسط الساحة تدريجياً ومن ثم تبتعد الكاميرا إلى أعلى لتظهر المئات من الصحون الطافية برؤوس لقرود هرمة ومقطوعة الرأس وتزداد وتيرة قرع الطبول وتعلو أصوات التمتمات وينتهي المشهد بومضة بيضاء تنير المشهد ككل وبعدها صوت دوي الرعد
هنا نسمع أصوات زخات المطر وتبدأ الكاميرا بالتحرك من المنحدر الصخري وتلتقط المشاهد السابقة لمجريات الساحة وتقترب تدريجياً من شجرة جاكا معمّرة في الجهة المقابلة تماماً حيث يظهر خلفها فينيق وهو يختلس النظر بتجاه الساحة وسيمبا خلفه ينظر للأعلى مبتسماً وقطرات المطر تتطاير من على وجهه

فينيق : لا أدري يا سيمبا ولكن يبدو ان هؤلاء الأشخاص لا يمكن الوثوق بهم
سيمبا وهو يمسح وجهه : لا تحاول إخافتي  ، الناس يظهر عليهم التحضر من اللباس ، وليسوا بهمج

فينيق : وما العمل الآن، أرى عندهم طقوس وشعوذات ، وأقفاص القرود المكتضة في المكان لا تبشر بخير ، فلا تغتر بالملابس ، الأهم هو العقول
سيمبا : إذن المجازفة خطيرة يا فينيق ، اليخت فيه وسائل إتصال وأنا قد أرسلت إشارات نجدة منه قبل أن نتركه ومن الممكن أن نرجع لنرسل الإشارات مرّة أخرى عندما نلمح أي مركب من بعيد ، رأيك يا صاحبي
هنا ينفلت القرد الصغير والذي ظهر في المشهد من قبل ويركض باتجاه شجرة الجاكا العملاقة ويتبعه الطفلين في محاولة الإمساك به

فينيق : الأولاد قادمين بإتجاهنا !
سيمبا : أهرب فينيق الهرب يا صديقي ... إجري إجري



مشهد لسيمبا وفينيق وهما يهربان بسرعة البرق وصرخة مدوية تنطلق من أحد الطفلين لتشق سكون الغابة الماطرة
هنا ينظر فينيق وسيمبا إلى الوراء وهما يركضان وبعدها يصطدمان بجذع شجرة تطرحهما أرضاً مغماً عليهما لتلتقط الكاميرا وجهيهما و تتحرك بتجاه الأعلى ويظهر في المشهد تشابك الأغصان وأحد الطفلين يقترب من فينيق وسيمبا وهما ممددان على الأرض ثم تزداد كثافة الأغصان والأوراق لتخرج الكاميرا إلى منظر خارجي للغابة من الأعلى

المشهد الخامس :  في قفص الإتهام

قطرات المطر أصبحت زخّات تمتزج مع أصوات الببغاوات وأصوات القرود القادمة من الغابة
سيمبا وتظهر عليه علامات الألم : فينيق ... فينيق إصح

فينيق يفتح عينيه ثم ينتصب فجأة ويرتطم رأسه بسقف خشبي : أخ .... مالذي يحدث لنا .... هل نحن في حلم أم ماذا
 ؟
سيمبا : نحن في داخل أحد الأقفاص داخل الساحة ، بالمختصر إقتربت نهايتنا ، وهذه هي الحقيقة التي نواجهها الآن

فينيق يهمس لسيمبا : حاول أن تتحدث للشخص الواقف أمامنا بلغة الإشارة ، فإن كانت ردة فعله عنيفة ، فقد صدقت
سيمبا يتحرك إلى مقدمة القفص ضارباًعلى القضبان ....... ( ويبدأ بعمل حركات بيديه في محاولة لمعرفة سبب وجودهما في القفص)

إنتظر حتى يخرج الرئيس وبعدها يمكنكم أن تتحدثوا معه شخصيّاً
فينيق : إنهم يتحدثون لغتنا !!
سيمبا : هذه ميزة في صالحنا ولكن لابد قبلاً أن نتفق على من سيتولى مهمة الحديث مع الرئيس
فينيق : إترك الأمر لي
سيمبا : وأنا موافق
أيها الرجل لم نعرف من أنت ؟
أنا المسؤول عن أقفاص القرود وقد طلب مني الرئيس أن أراقبكما حتى تنتهي طقوس القرابين لليوم
فينيق يهمس في أذن سيمبا : قرابين ، أسمعت يا سيمبا ، هؤلاء البشر غارقون في الجهل
سيمبا : بالتأكيد سمعت ، والأهم عندي أن لا نكون من ضمنها اليوم ، المسألة تعتمد على ذكائك في المفاوضة ، وإنتبه على كل كلمة تقولها
سيمبا للحارس : هل من الممكن أن تحدثنا عما تعني بالقرابين ؟

إنها فداء لأرواح العجائز من القبيلة والذين تجاوزت أعمارهم الستين ، كل فرد لديه قرد عندما يتجاوز الخمسين من عمره ويقدم رأسه قرباناً لإله البحر في هذا الوقت من كل عام عندما تبدأ أصوات الإله تسمع من خلف الجبل فنقوم بقطع رؤوس القردة ونقدمها للبحر

سيمبا : أصوات الإله !!!

نعم نحن نعبد إله البحر والذي يحمينا
فينيق : أريد كأساً من الماء لو سمحت

وبعد أن إبتعد الحارس
سيمبا : ما حكاية أصوات الإله التي ذكرها الحارس ؟

فينيق : يبدو أني سأتحدث مع الرئيس عن هذا الأمر  ، هؤلاء الناس لابد أن يخرجوا من خزعبلاتهم
سيمبا : لا أرجوك دعنا نعود إلى البيت أولاً  ومن ثم نعود بمجموعة لنتحاور معهم ، أنا أشعر بأن يومنا سيكون أسود من سواد أعماق المحيط يا فينيق أرجوك لا تتهور إسمع كلامي لابد وأن تكون معانا قوة لتحمينا ..  .. إسمع الكلام
يعود الحارس من غير الماء

فينيق : أراك رجعت خالي الوفاض
الرئيس يريدكما الآن
سيمبا : إن شاء الله تفرج
الرئيس : من أنتما وما الذي جاء بكم هنا
فينيق : أنا فينيق وهذا صديقي سيمبا كنا في رحلة بالبحر وبعدها هبت ريـ ................ وهذا ماحصل ، ما نريده وما نتمناه هو إن تقف معانا وتساعدنا ، اليخت الذي جئنا به معطوب ونريد أي مركب من مراكبكم الكبيرة ننقل فيها الأجهزة من اليخت ،
وشخص يعرف الإتجاهات داخل البحر ممكن أن يوصلنا لأقرب شاطئ أو ممكن نرسل إشارات إستغاثة تلتقطها أي سفينة شحن وتنقذنا في حالة أن إشارات سيمبا لم تصل لأي وحدة من قوات السواحل
الرئيس : لكم ما طلبتم ، بينما نجهِّز لكما ما تريدانه إنطلقوا مع الحارس في جولة لساحتنا
فينيق : شكراً ألف شكر

في الخارج
سيمبا : الحمد لله إنك إقتنعت بكلامي ولم تكلمه عن ذاك الأمر

فينيق وبصوت منخفض حتى لا يسمعه الحارس المتقدم عنهما : لا أنا أخطط على إخباره ساعة مغادرتنا للجزيرة ، التفكير يا سيمبا لا يحتاج إلى محاضرات ، كلمة واحدة قد تكون كافية ومن الممكن أن تحرك عقولهم وبعدها هم من سيكملون المشوار ، أجمل مافي الموضوع أن الرئيس لا يستفيد من عبادتهم شيئاً  ، وليس مثل جماعتنا وأرصدتهم في البنوك وأظنك تفهمني

سيمبا : بالطبع فاهم فاهم

فينيق : يعني لو تخلصوا من هذا المعتقد سيكون أفضل لهم ولأجيالهم اللاحقة
هنا يصدر صوت غريب من الجهة الغربية للجزيرة
فينيق : ما هذا الصوت ؟
الحارس ينطلق إلى وسط الساحة : هيا هيا من لم يقدم قربانه فليفعل الآن

سيمبا : يبدو أنه الصوت ، إنه صوت الإله الذي يعتقدونه

قبل مغيب الشمس يتوجه الحارس المسؤول إلى فينيق : لقد أعددنا لكما ما تطلبان بأمرٍ من الرئيس ولكن الإبحار سيكون غداً صباحاً ،....

إنظرا هاهو الرئيس قادم .... سيدي الرئيس أهلاً بك
الرئيس : ستقضيان ليلتكما هنا في جزيرتنا وستغادران غداً ، أردت فقط وداعكما من الآن وإرحلا غداً في صمت
فينيق : ألن نراك غداً عند الإبحار يا سيدي
الرئيس : لماذا ، ماذا هناك
فينيق : أبداً كنت أريد أن أشكرك على حسن ضيافتك ونستودعك أنا وسيمبا وكنا نريد أن نقدم لك خدمة بالمقابل
الرئيس : خدمة ، وما هي ؟
فينيق : سمعنا عن معتقداتكم في إله البحر ورأينا طقوسكم وأنا أتمنى أن تجدوا جذور هذه الطقوس وتتخلصوا منها
الرئيس : ماذا تعني بقولك هذا
فينيق : أبداً ، سيدي لا وجود لأي إله للبحر ولا لأي آلهه في الوجود ، فلماذا أحرم المئات من القرود من العيش بسلام في سبيل شيء لا وجود له ، ولو كان عندي الوقت الكافي كنت سأثبت لك هذا الأمر 
الرئيس وقد تغيّر وجهه : ولماذا تتحدث بكل هذه الثقة ،،،،،، يا حارس كبلهما بالأصفاد وتعال بهما إلى الساحة

سيمبا : رجعنا القفص بسبب حماقتك وتهورك


المشهد السادس : في ظلمة الليل

في وسط الساحة وقد خيّم الظلام  والسكون على الغابة من حولهم عدى عن بعض الأصوات للحشرات الليليّة ومشهد لتجمع أهالي الجزيرة يحملون المشاعل حول ساحة القرابين

الرئيس : إسمع يا فينيق ، تحدث معنا كما نتحدث نحن معك وهات ما عندك ، فلديك من الوقت حتى طلوع شمس الغد وإن لم تقنعنا ستكون رؤوسكما أنت وصديقك تتقاذفهما الأمواج بدل رؤوس القردة
سيمبا موجهاً كلامه بصوت منخفض إلى فينيق : وهل كنت محضراً نفسك لهذا الفصل يا فينيق ، رقبتي ستطير غداً والسبب أنت ، هيّا تحدث يا جهبذ
فينيق : إسمع أيها الرئيس القاعدة تقول ( البيّنة على من إدّعى ) وأنتم تدّعون وجود إله للبحر تقدمون له القرابين ، فما هي حجتكم على هذا الأمر
الرئيس : حسناً هات ما عندك
فينيق : ماذا تقصد هلا أجبتني في طلبي أولاً
الرئيس : وما هوَ طلبك
فينيق : أن تأتيني بالبيّنة على إدعاءاتك بوجود إله للبحر هو من يصدر أصوات من خلف الجبل
الرئيس : نحن لم ندّعي بل أنت صاحب الدعوى الآن
فينيق : ألستم تعبدون شيئاً خرافياً ، لماذا تعبدونه ، أنتم أصحاب الدعوى وأنتم المطالبون بالبيّنة والبرهان
 الرئيس : وهل تريد أن تعبده معنا
فينيق : مستحيل والموت أحب إليّ من أن أذعن لإله تعتقدون أنه يتكلم من خلف الجبل
الرئيس : فلماذا تطلب البيّنة منا إذن وأنت لا تريد إتباعنا !!! ، يا فينيق صاحب الدعوى عندنا مات منذ زمن ونحن أتباع ، وأنت الآن صاحب دعوى جديدة لإدعاء جديد
فالبيّنة حق عليك لا علينا لأنك أنت من تريد التعدي على معتقداتنا
فهل نتبعك لأننا لا نملك البيّنة لك ، أم نتبعك لأنك تملكها ضدنا ..... أجب حتى تفهم الفرق
لديك حتى صباح الغد إن لم تأتينا بالبيّنة قطعنا رأسك ورأس صديقك

سيمبا : هل يمكننا أن نتباحث الأمر أنا وفينيق لساعة ... أرجوك

الرئيس : لك ذلك ، وسآتي إليكما بعد ساعة وأتمنى أن أجد دليلاً على ما أدعيتماه ، وعليك أن تعلم أن الساعة التي تطلبها الآن سيتم أخذها من ساعة موتكما ، أي أن موعدكما مع الموت أصبح قبل طلوع الشمس بساعة

عاد الظلام ليحّل على سيمبا وفينيق بعد أن إنفض الأهالي من حولهما
سيمبا : الرجل صادق في كلامه ، فليس من المعقول أن المجموعة تتبع الفرد لأنها لا تملك دليلاً ، بل هي تتبعه إن هو إمتلك الدليل القطعي على إدعائه ، فهل عندك أي فكرة عن البيّنة التي ستقدمها للرئيس ؟

فينيق : نعم

سيمبا : وما هي أخبرني

فينيق : عندما إستمعت للصوت القادم من خلف الجبل كانت الرياح تهب بشدة من الجهة الغربية ، ومن المؤكد أن الناحية الأخرى من الجبل مليئة بالكهوف ، والصوت الصادر من هناك ماهوَ إلا صوت الرياح عندما تمر عبر ممرات تلك الكهوف
سيمبا : وأنا بعتقد ذلك بنسبة 100 في الـ 100
فينيق : يبدو أن الرياح لا تهب من ناحية الغرب بتلك القوة إلا في هذا الوقت  من كل عام وتساعدها في ذلك تيارات المحيط إلتي تضرب بالأمواج بشدة داخل فوهات الكهوف وتزيد الضغط الهوائي بالداخل بسرعة كبيرة فيصدر الصوت بقوة من الجهة الأخرى مثل البوق العملاق تماماً

سيمبا : أهاااا والصوت مستمر طوال العام بشكل متقطع

فينيق : بالتأكيد يا سيمبا ولكنه لا يصل بهذه القوة إلى الجهة المقابلة إلا عندما تأتي تيارات المحيط في دورة الإعتدال الخريفي ولهذا عندما هدأت الرياح بالليل إختفت الأصوات

سيمبا : جميل جداً ، هذا فكاكنا منهم إعتمد الجواب ..... ها هو الرئيس قادم

الرئيس : إلى أين وصلتم ..... أيها الحارس إجمع الأهالي
فينيق يسرد على الرئيس وجهة نظرة

الرئيس : يبدو أنك إقتنعت أخيراً أن البيّنة حق عليك يا فينيق ، ولكن مازال قولك السابق مجرد فرضيّة تحتاج إلى إثبات وليست بيّنة
فينيق : حسناً وما المطلوب ، ماهي البيّنة التي تريدها
الرئيس : أن تأتوا بغيرها أو تثبتوا ما أتيتم به

سيمبا بهمس : وما العمل الآن يا فينيق

فينيق : من الصعب إثبات الأمر في الليل
هنا يوجه فينيق كلامه إلى الرئيس : لا تقدموا له القرابين الليلة وستتأكدون من عدم وجوده

سيمبا يهمس بملامح جديّة : ما هكذا تورد الإبل يا رجل

الرئيس : لو لم نقدم القرابين سنهلك بموج يبتلع الجزيرة وحينها لن تكون أنت ولا صديقك هنا لكي أعاتبكم
فينيق : وإن لم يأتي ذلك الموج ستتأكدون من قولي
سيمبا مقاطعاً : توقف الآن فينيق أرجوك

الرئيس : وإن أتى يا فينيق أين الضمان ... هذا أسميه انا إنتحار وليس إختباراً يقيم بيّنة تستخدمها ضدنا
سيمبا : نحتاج إلى ساعة أخرى للتباحث لو سمحت لنا
الرئيس : لك ذلك ولكن أصبحت رؤوسكما أقرب من طلوع الشمس بساعتين
وبعد أن إنفضّ الناس وحل الظلام مرّة أخرى

فينيق بوجه شاحب : يبدو أنها النهاية ، لا مجال للمفاوضة على تأجيل الحكم حتى الصباح ، والآن قاربت الساعة للثالثة ، وإن كان الرئيس صادقاً في تنفيذ الحكم قبل طلوع الشمس بساعتين فهذا معناه أننا لا نملك إلا ساعة واحدة تفصلنا عن المصير
سيمبا : عني لا أخاف الموت ولكني لم أرد الموت تحت أيدي القصابين ، بالنهاية يا صديقي أنا وأنت رابحان
أتذكر عندما قلت أن التفكير لا يحتاج إلى محاضرات بل كلمة واحدة قد تكون كافية ومن الممكن أن تحرك عقولهم وبعدها هم من سيكملون المشوار
أنت تراهن على عقول القوم المتمردّة للإنعتاق وأنا أراهن على فطرتهم السليمة للوصول إلى الله
فأي الطريقين سلكوا فسنبقى في الموت سوياً سبباً في حريّتهم ، وهو أفضل من الموت على فراشك
فينيق : آه يا سيمبا ، لقد هدئت من روعي ، ولكن لما طلبت ساعة من الرئيس ، هل تملك بيّنة أخرى يمكن أن تقنعهم
سيمبا : لا ، ولكني لمحت أمراً في غاية الأهمية لم تلحظة أنت
يا عزيزي وأنت  تحاور الرئيس إنشغلت بالنظر إليه ، وأنا تركتك تسترسل معه وأخذت بالتحديق في وجوه الحاضرين ، وكنت أرى فيها إرتباكاً مع كل كلمة كنت تقولها ، هذه الساعة يا فينيق هي أملنا الوحيد ، في هذه الساعة لن ينام الجميع وسيفكرون بعمق في ما قلناه ، وفي حال تنفيذ الحكم قد نجد من يعترض منهم ويثور على الرئيس حتى يعطينا المهلة لنثبت ما قالناه في الصباح  ، إنها ساعة الحسم ، ليس لنا الآن سوى الإنتظار حتى تنقضي تلك الساعة
فينيق : والله لم افكر بها ، لمحة ذكية جداً منك 
عزيزي سيمبا ، أعلم أن هذا ضرباً من ضروب الغباء ، ولكن هل يمكنك أن تدعو ربك لينقذنا
سيمبا وهو يبتسم : بالتأكيد يا صديقي ، بالتأكيد

المشهد السابع : على حافة الهاوية
صرير الحشرات يمتزج مع أصوات القرود وحيوانات الغابة الليليّة ، ونبضات قلب في الخلفيّة تبدأ منخفضة وتزداد وتيرتها وتسارعها ، ثم نصف نبضة تليها غربان ناعقة تطير من أحد الأشجار حول ساحة القرابين
يبدأ المشهد الآن بمنظر لأرجل حتى منتصف الساق تمشي بخطوات واثقة  ثم تتقدم الأرجل ليدخل في المشهد نصل السيف وهو يخط على الأرض
القصّاب متهكماً : سأذيقكما ألم الموت بقدر ما أستطيع ، ولن أرتاح حتى أرى رؤوسكما تطفو على سطح المحيط
أوه سيدي الرئيس  لقد جئت ، هل أنادي على الحارس ليجمع الأهالي ؟
الرئيس : إنتظر فالأمر يعتمد على ما توصل إليه رفاقنا ، فإن كانت لديهم حجة فنادي على الحارس، وإلا فلتجزّ رأسيهما بسكات ، وغداً صباحاً سنطلق الرأسين على مشهد من الجميع ، الوقت متأخر الآن وسكان الجزيرة يحتاجون إلى الراحة
ها يا فينيق وسيمبا إلى ماذا توصلتما ؟
سيمبا : لم نتوصل إلى شيء جديد ، ولكني أناشدك بأن تمنحنا الوقت حتى  ....
الرئيس مقاطعاً وقد إستشاط غضباً : أيها القصّاب قل لمعاونيك بأن يوثقوهم وليكتموا على أفواههم حتى لا يصدروا صوتاً
هنا يقوم أربعة من الرجال بطرح سيمبا وفينيق أرضاً ، ثم يقوم أحدهما بربط الأيدي إلى الخلف والآخر بربط الأقدام
وقبل أن يتم ربط الفم يقول فينيق مخاطباً سيمبا : سامحني ارجوك ، فأنا من أوردك هذا المورد يا سيمبـ ......
 وهنا يتم ربط فم فينيق بقطعة قماش قبل أن يكمل ، وسيمبا في صمت مطبق وعينين حائرتين تبحثان في أرجاء المكان عن أي حركة ولكن الصمت يخيّم على  كل شيء ، لينتهي المشهد برفع القماش على فمه أيضاً
يأتي القصاب بلقطة مهيبة بعد أن توضع رقبة فينيق على صخرة القربان ويرفع السيف عالياً ويهوي به على رقبته لتلتقط الكاميرا نصل السيف وهو يهوي في الهواء بلقطة بطيئة ، وفجأة وقبل أن يصل النصل إلى رقبة فينيق تأتي رصاصة من اللامكان لتضرب قلب القصاب
وتتوالى أصوات الأعيرة النارية الخارجة من سلاح مزود بكاتم للصوت لتصيب المعاونين للقصاب  ، فيهرب الرئيس وحاشيته ، ويظهر جنود يلبسون ملابس القوات البحرية من خلف الأشجار مسرعين ليفكوا قيد فينيق وسيمبا ويرفعوا اللثام من افواههما
هل أنتما بخير ؟
سيمبا : حمداً لله ، لا أدري ما أقول حقاً ولكن جئتم في الوقت المناسب
فينيق : من أين أتيتم أيها الجنود
نحن من قوات البحرية البريطانية وكنا في مناورات داخل المحيط وتلقينا نداء إستغاثة وحددنا الموقع بصعوبة ، لأنها كانت إشارة إستغاثة وحيدة
سيمبا معاتباً فينيق : ألم أقل لك أن نبقى عند الشاطئ بالقرب من اليخت ، لو بقينا هناك وإستمررنا في إرسال الإشارات لوصلوا إلينا بشكل أسرع بكثير ولكن أنت من أصررت على الدخول في الغابة للبحث عن ثمار تناسب ذوقك
فينيق : ليس هذا وقت اللوم ، فالأهم الآن أننا نجونا
وهنا يبدأ رشق السهام من خلف الأشجار من قبل الجيش الخاص بالرئيس
الجندي : قوموا لنسرع بالرحيل فنحن لم نأتي إلا لإنقاذكما وهذه ليست ساحة معركة
هنا يبدأ الجنود بالتراجع قاذفين وابلاً من الرصاص على مصدر السهام حتى يدخلوا في الغابة ويبدؤوا بالركض بتجاه الشاطئ الذي يقبع فيه اليخت حيث تنتظرهم سفينة القوات البحرية
في هذه الأثناء يعود المشهد إلى ساحة القرابين ويبدو وجه الرئيس غاضباً ومزمجراً : إلحقوا بهم يا أغبياء ، إركبوا السفن ولاحقوهم
هنا يصيح أحد المقاتلين : سيدي الرئيس هناك خمس سفن مفقودة
تزيد حدة الغضب وتزداد تعابير وجه الرئيس وجوماً ويهمس بينه وبين نفسه قائلاً بصوت يملؤه الغضب : الحــــــــــارس ،...... أيها الخائن
هنا يعود المشهد إلى الجانب الآخر وتظهر قوارب صغيرة مطاطية بمحرك واحد وفي أحدها ثلاثة جنود مع فينيق وسيمبا  لتصل إلى أحد جوانب سفينة القوات عند سلم الصعود
ويبدأ الإثنان بالصعود وخلفهما الجنود لتظهر يد ممدودة في آخر السلم لتساعد سيمبا على الوقوف والدخول إلى ظهر السفينة
وعندما يرفع سيمبا عينيه ليرى الشخص الذي يمد يده ، تكون المفاجئة ، إنه الحارس وعلى ظهر السفينة مجموعة من أهل الجزيرة وتظهر معها إبتسامة على وجه فينيق
سيمبا : أيها الحارس إنها مفاجئة غير متوقعة
الحارس : لسنوات عدة لم أكن مقتنعاً بما يقال عن إله البحر وكنت أرى القرابين نوعاً من الواجب الذي تحتمه علينا ثقافتنا ، وحين أتيتما وقدمتما البينة إتفقت أنا ومن ترونهم هنا من أصحابي على الركوب في السفن وإكتشاف المنطقة الغربية المحضورة للجزيرة لنتأكد ، وكانت كما قلتما تماماً ونحن في طريق العودة رأينا القوات بالقرب من اليخت فأرشدناهم على موقعكم وأخبرناهم بالوضع وأنكما على شفير الموت
سيمبا : تماماً في الوقت المناسب هههههههه
فينيق : أستميحكم ، أريد أن أذهب لأستريح ، فجسمي وأعصابي وكل مفاصلي تؤلمني
أحد الجنود : هناك غرفة بالطابق الثالث مزودة بسريرين ، تعال معي لأدلك
الحارس وبعد أن غادر فينيق : سيمبا ، لقد إستمعنا إلى فينيق في الجزيرة ، والآن جاء دورك 
هنا تلمع نجمة في أحد عيني سيمبا وترتسم إبتسامه على وجهه وينتهي المشهد

المشهد الختامي : مذكرات على طاولة


في الغرفة في الطابق الثالث ، يظهر فينيق وهو يغط في نوم عميق ، ثم تتحرك الكاميرا ليظهر سيمبا وهو جالساً على كرسي وشمعة في رمقها الأخير ومن ثم يخرج مذكرة مبتلة من جيبه ويضعها على الطاولة أمامه ويكتب فيها : اليوم هوَ الثالث عشر من أكتوبر من العام 1999
لتبدأ موسيقى الخاتمة وتبدأ الكاميرا بعدها في التحرك والخروج من نافذة الغرفة إلى خارج السفينة التي تبدأ في الإبحار ، ثم تبتعد حتى يظهر بدن السفينة وترتفع أكثر وأكثر حتى تظهر الجزيرة في المشهد وضوء الصباح يشق الأجواء وأشعة الشمس تنير أعلى الجبل ، لتنتهي مع هذه اللقطة الموسيقى المصاحبة وينتهي المشهد ومن ثم تظهر الشاشة السوداء. إنتهى


الخميس، 10 مايو 2012

المضاهون لخلق الله !!!

المحور الأول : علّة التحريم
علة تحريم الرسم والتصوير هي المضاهاة لخلق الله ، هذا ما يقوله أعداء الفن من بني مسواك
خلينا نسمع لواحد منهم يسمونه شيخ المحدثين


طب خلينا نحسبها بالعقل بدل النقل كما فعل صاحب اللحية الكثة إللي فوق
ولننظر إلى هذين الرسمين

هل يعتقد أي شخص يملك ذرة من عقل أن الرسمة الثانية تضاهي الرسمة الأولى !!
أليست المقارنة بين الرسمين فيها إستصغار للرسام العالمي دافينشي ؟
فكيف حالنا مع الله
كيف يحق لإنسان أن يضع رسماً في مقارنة مع خلق الله ، كيف بالله عليكم ؟

والأدهى أن يقول بأن هذا الرسم فيه مضاهاة لله !!! تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا
يا حويني يجب علينا أن نقدّر الله حق قدره ولا نقارن مجرد مقارنة بين صنيعه في الخلق وصنيع البشر في الرسم مهما كان متقناً لأن المقارنة ليست متكافئة والسبب بسيط وهو أن أي مقارنة بين شيئين لابد وأن يكونا ذات موضوع واحد ( رسم أمام رسم ) ( إنسان أمام إنسان ) ( كائن حي أمام كائن حي )

ولكن المشاخخ من أمثال الحويني يجعلون المقارنة بين شيئين لهما موضوعين مختلفين
فالإنسان كائن حي من لحم ودم وإحساس ، وله إرادة حرّة واعية ، ناطق ، مخلوق ، متفاعل مع محيطه ... إلخ ، وهذا خلق الله وصنعته
كيف نضاهي ذاك الصنع برسم جامد مسطح مكون من بعدين ونقول بأن الثاني يماثل الأول ، ويضاهيه ؟!!!!!!!
ألا يملك هؤلاء المغفلون من ذوي اللحى ولو قدراً بيسطا من الحكمة ليردوا تلك العلّة البلهاء في تحريم الرسم
لا لكونها تنافي العقل والمنطق ولكن لأن فيها إستحقاراً لصنع الله وإنزاله منزلة الرسم
نأتي الآن للشطر الآخر والخاص بالدمى
إن الشيخ يرتكب مغالطة تاريخية بشكل معكوس في تحريمه للدمى المجسمة 
ولا يعلم هذا المسكين بأن بعثة النبي لو كانت في الزمن الحاضر لكان اللعب بالدمى الحيوانيّة والعرائس البشرية المجسمة كعرائس باربي وغيرها حلالاً زلالاً للأطفال ولغيرهم ، فالرسول عليه السلام عندما أقر بعرائس عائشة في زمانه كانت هي فقط الموجودة آنذاك ، ولو كان هناك غيرها لتعامل معها الرسول بنفس الطريقة أيّاً كان وضعها
ولكننا في زمن يتحكم فينا كهنوت أغبر يريد منّا أن نسجن في زمن التنزيل ، فلا حول ولا قوة إلا بالله
وأقول للحويني والذي يرى أن العرائس المتحركة فيها مضاهاة لخلق الله : يا شيخ إن كانت هذه هي علّة التحريم فمن باب أولى أن تحرم السيارات لأنها تتحرك أسرع من الخيول ، والطائرات لأنها تحلق أبعد من الطيور ، والغواصات لأنها تصارع البحر أفضل من الحوت
فإليك عنّا بفكرك فلا نريد منك فتوى ولا فسوى

المحور الثاني : إحياء النحت والرسوم

بقي لنا أمرٌ أخير وهو تفنيد الحديث المنسوب للرسول " الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم"
تخيّل أن مدير شركة مايباخ ( Maybach ) يمسك بشخص صنع سيارة من المخلفات كلموجودة بالصورة في الأعلى ، ويطلب من صاحبها أن يجعل تلك السيارة التي صنعها تتحول إلى مايباخ مماثلة للسيارات التي تنتجها الشركة ويتوعده إن لم يفعل ذلك بأن يرميه في السجن ، هل تعتقد بأن مدير الشركة هنا شخص عاقل ؟
فكيف بالله عليكم نقوم بتمرير هذا الحديث الغبي ونؤمن بأن الرسول هو قائلة
كيف يطلب الله ممن رسم صورة على ورق بأن يحييها !!!
أتحدى أن يأتي المحرمون للرسم برسام واحد في العالم قام برسم لوحة وقال أنا أتحدى الله بها .... والله لا يوجد أبداً
فعلى أي أساس يطلب الله منه أن يحييها ؟
الحويني وأمثاله يرون الرسم والنحت مضاهاة لخلق الله فما قولهم في الرجل الآلي الذي تصنعه اليابان ؟
يبدو أنهم سيصابون بجلطة لو طبقوا أحاديثهم على هذا


المحور الثالث : المباح أكبر من المحرم
السائل ذو اللحية : سماحة المفتي حفظكم الله ، ما رأي سماحتكم في رسم الأشجار والبحار والجبال والأزهار
المفتي : جمهور العلماء يرون أن لا بأس في رسمها
سيمبــــا مقاطعاً : فما رأيك في رسم الفضاء وما فيه من الأرض والشمس والقمر والنجوم
المفتي : حكمها بنفس الحكم
سيمبــــا : متى إستخدمت عقلك آخر مرّة أيها المفتي ؟!!

يقول الحق في محكم التنزيل :
"لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ"
فأيهما أحق بالتحريم ماهو أكبر في الخلق أم ما هوَ دون ذلك ؟!!
فبهت المفتي وأسقط في يده

حسبي الله على عقول تشربت النقل أبداً ولم تحاكم فيه العقل يوماً

الاثنين، 2 يناير 2012

إبن أختي بدأ يفكر ليخرج من فهم القطيع


بعد إنقطاع دام لفترة طويلة عن خطبة الجمعة الرتيبة والمملة
قررت أن أذهب الجمعة الماضية للصلاة باكراً وذلك بسبب إبن أختي أحمد الذي يريد الصلاة في مسجد بعيد حديث البناء وبه من الزخارف كأنه قصر من قصور الأمراء ، ولم يجد أمامه سوى خاله كي يوصله إلى هناك.
المهم أني إستعنت بالله ولبّيت طلبه رغم كرهي للخطبة وما يصاحبها من وصلات الردح على أبناء اليهود ونعتهم بأبناء القردة والدعاء على النصارى والمجوس وغيرهم ، ولكن لحبي له لبيت رغبته
المهم دخلنا المسجد وأخذنا مكان يمكنني من خلاله أن أتأمل جمال البناء شاغلاً نفسي بأي شيء يغطي صوت الخطيب
وكنت ألمح أبن أختي وهو ينظر إليّ بين الحين والآخر مستشعراً عدم إكتراثي للخطبة ، حتى عند الدعاء كنت أأمن على دعاء الخطيب للمؤمنين وأصمت عند الدعاء على الكافرين
المهم في الموضوع هوَ أني إنتبهت للحظة من الزمن عند سرد الخطبة وفي جزئية معينة منها وقد لاحظ أحمد ذلك
فقد تغيّرت نبرة الخطيب في تلك اللحظة ورفع صوته مجلجلاً في المكان ما إسترعى إنتباهي ، حيث قال " أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم " وزعم الخطيب أن أبا بكر قال هذه العبارة حين سألوه عن معنى كلمة ( أبا ) ثم قال أن عمر بن الخطاب قرأ على المنبر (وفاكهة وأبا )  ، فقال هذه الفاكهة قد عرفناها فما الأب ؟ ثم رجع إلى نفسه فقال إن هذا لهو التكلف يا عمر .
فعرفت أن الخطبة كانت تتحدث عن التمسك بفهم الاولين فقد كان الصحابة ينقلون لنا كل ما وردهم عن الرسول في بيان القرآن بكل أمانة !
إنتهت الصلاة ودخلنا السيارة للعودة للبيت ، وفي أثناء الطريق قال أحمد : ليش ماسأل أبوبكر وعمر الرسول عن معنى كلمة أبا ؟
إبتسمت وقلت متهكماً برد الخطيب : زي ما ذكر الشيخ في الخطبة لأنهم لا يتأولون القرآن إلا بالشيء الوارد عن الرسول وبس
أعاد أحمد علي السؤال بطريقة أخرى مبيناً عدم إقتناعه فقال : طب سورة عبس مكية والمسلمين في ذاك الوقت قرؤوا السورة لآلاف المرات قبل وفات الرسول ، معقول محد خطر على باله يسأل النبي عن معناها ، طب بلاش كل الصحابة أبو بكر وعمر دائماً معاه معقول يقرؤوا السورة ويوصلوا لكلمة ابّا وما يخطر على بال أي أحد فيهم يسأله عن معناها لما يقابله !؟
هنا إبتسمت وقلت له : لو قلتلي هذا الكلام يوصلك لأيش أقسم بالله لأشتريلك الجالاكسي إس 2 إللي نفسك فيه اليوم العصر من غير ما تدفع ولا هللة .
 جلس طول الطريق يحاول يقنعني أشتريله الجهاز عن طيب خاطر وبدون ما يجاوب وأنا أبداً مصرّ على شرطي حتى وصلنا للموقف تحت البيت.
قال : والله يا خالي يمكن سألوا الرسول لكن نسوا الجواب
قلت : لا
قال : أجل سألوه وهو ما جاوبهم
قلت : والله إنك قربت من الجواب شوي
قال : أجل ما كانوا أصلاً يسألوه عن القرآن لأنه ما كان يفسره لهم
قلت : برافووو عليك ، هذا هوَ الجواب وأبشر بسعدك
يعني الدليل إللي قاله الشيخ دليل ضده وماهو دليل يدعم كلامه ، فالشيخ شاف أمانة الصحابة  حسب نظرته القاصرة وإنتا شفت أمانة الرسول في تبليغ القرآن وبس .. فإنتا افضل من الشيخ وعقلك أكبر من عقله ، فأبو بكر قرأ السورة لآلاف المرات لكن ما كان يقدر يسأل الرسول عن معنى أي كلمة فيه لأنه عارف إن الرسول ما كان يفسرلهم ولا كلمة من يوم بعث لحد ما مات
حبيبي لو كان الرسول يفسر القرآن كان سألوه عن الحروف المقطعة في القرآن
لكن ما تلاقي حديث واحد يقول عن فلان عن فلان عن فلان
أن فلان من الصحابة سأل الرسول عن الف لام ميم في سورة البقرة فقال الرسول هي كذا وكذا
لكن تلاقي آلاف الأحاديث تتحدث عن الفيران والوزغ وكيف ننام وكيف ناكل وكيف مدري أيش من هرطقات المحدثين
قلتله : يعني من الآخر ، تفسير القرطبي وإبن كثير والجلالين وغيره وغيره ، هي تفاسير إجتهادية من أصحابها وهي غير ملزمة لك أبداً ولا راح يؤاخذك الله إذا رميتها وراء ظهرك وفهمت القرآن حسب سقفك المعرفي وحسب الزمن إللي إنتا عايش فيه