أطلب هنا ممن يملك الحجة البالغة بأن ينوِّر بصيرتي ويعيدني إلى جادة الصواب وإلى فهم إجماع الأمة لعلي أستعيد حقي المغتصب كوني أفكر بالهجرة إلى أرض الجهاد مُقدماً نفسي ومالي في مقايضة بـ 72 حورية في الجنة ، ولكن الألماني التغريبي الكافر لوكسينبورغ لعب برأسي بعد أن أشعل فتيل قنبلته الأولى في كتابه الشهير ، فجعلني أعيد التفكير في آيات الحور مرة أخرى ومن ثم الخروج بـ 14 مسألة تحتاج إلى إجابات منطقيّة توازي تلك اللهجة القطعيّة التي تحدث بها المفسرون بشأن حوريات الجنة العذراوات !
Cristoph Luxenberg
المسألة الأولى
غياب ألفاظ تدل على الإتصال الجنسي
طبيعة العلاقة بين الجنسين في الدنيا غريزيّة ويمكنك أن نلاحظ ذلك في الأطفال وتحسسهم لأعضائهم التناسليّة قبل أن يبلغوا الحلم ، وستجد في بعض الأحيان أن الطفل يقوم بتعرية الدميّة لأخته الكبرى كحالة من التصرّف اللاواعي لطبيعة هذا الفعل.
تتعدد في آيات القرآن ألفاظ بعدة طرق تعطي معاني الإتصال الجنسي أو مقوماته إمّا تصريحاً أو كناية منها قول الحق :
(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ)
(فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ )
(وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ)
(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ ?لصّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ)
هذا غير الآيات التي تتحدث عن الفرج والمحافظة عليه كونه أداة المتعة الجنسيّة
(وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ)
من ألفاظ اللغة سأذكر الأحاديث المنسوبة للرسول عليه السلام حيث يقول فيها :
(إنَّ فِى بُضْعِ أَحَدْكُمْ لَصَدَقةً) والبُضْعُ هوَ الجماع
(من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج , ومن لم يستطع فعليه بالصوم) والباءة هي النكاح
ناهيك عن الألفاظ التي تزخر بها لغتنا العربيّة في هذا المجال كقولنا على سبيل المثال : وطئها وواقعها وضاجعها وتذوق العسيلة وذخمها وخجأها ورطمها ... إلخ
ولكن رغم هذا الكم الهائل من مفردات الوطأ والتسري والمضاجعة وخلافه مما ذكر فإننا عند الحديث عن الجنّة لا نجد أي لفظة تدّل على وجود إتصال جنسي هناك ولا بأي مفردة ! سوى لفظة التزويج ، والزواج لا يعني المعاشرة بكل الاحوال والدليل قول الحق ( فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى) فلفظة الزوج تعطي مفهوم الثنائيّة حتى وإن كانت لإثنين من نفس النوع كزوج الأحذية مثلاً.
أو تعطي مفهوم الإقتران والتبعيّة كقوله تعالى(احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ)
وكقوله في أهوال يوم القيامة (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) أي إقترنت بأعمالها
ويأتي في أحيان بمعنى التنوّع كقول الحق :
( جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ * هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ * وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ) .... إنتهى
إن هذا السكوت عن العلاقات الجنسيّة في الجنّة ولو بلفظة صغيرة من كم الألفاظ التي يستخدمها العربي في حياته العامة حيّرت المفسرين والذين تبنّوا فكرة المضاجعة للحور العين ونقلوها ممن روّج لها بقضيب لا ينثني ، فوجد البعض منهم ضالته في آية 55 من سورة يس وبعض المفردات في آيات أخرى لتحويرها ومن ثم أقحموا النكاح فيها إقحاماً
فلنقرأ الآية من سورة يس ونقرا طريقة تفسيرها في الأسفل
يقول الله في سورة يس : إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ
قَالَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَعِكْرِمَة وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَالْأَعْمَش وَسُلَيْمَان التَّيْمِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ فِي قَوْله تَبَارَكَ وَتَعَالَى " إِنَّ أَصْحَاب الْجَنَّة الْيَوْم فِي شُغُل فَاكِهُونَ " قَالُوا شُغُلهمْ اِفْتِضَاض الْأَبْكَار وَقَالَ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا فِي رِوَايَة عَنْهُ " فِي شُغُل فَاكِهُونَ " أَيْ بِسَمَاعِ الْأَوْتَار وَقَالَ أَبُو حَاتِم لَعَلَّهُ غَلَط مِنْ الْمُسْتَمِع وَإِنَّمَا هُوَ اِفْتِضَاض الْأَبْكَار .
ولاحظ قول أبي حاتم وإصراره على تبني معنى أوحد لدرجة أنه يُخطِّئ الناقل ويدّعي بأنه أساء الإستماع إلى تفسير إبن عبّاس !!! فهل يعقل يا جماعة الخير أن يقول إبن عبّاس ( شغلهم إفتضاض الأبكار ) فتصل إلى المتلقي ( شغلهم سماع الأوتار ) أترك الحكم لكم
المسألة الثانية
الجنتان والتحوّل المفاجئ من صيغة المثنى إلى الجمع في آيات سورة الرحمن
هذه المسألة مهمة جداً وتحتاج إلى تركيز شديد ( فخذ نفساً عميقاً ، وأرح أعصابك ، ثم أكمل القراءة بهدوء )
يقول الحق سبحانه في سورة الرحمن :
(وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَــانِ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُدْهَامَّتَــانِ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا عَيْنَــانِ نَضَّاخَتَــانِ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ )
إن المتتبع لطريقة سرد الآيات ويتدبّر فيها جيداً سيلحظ (((التحوّل المفاجئ))) لصيغة المثنى والتي حافظت عليها آيات سورة الرحمن إلى (((جمع مونث))) وقد لونت الشاهد باللون الأحمر ، فلماذا هذا التحول وما الداعي له ؟ ، على من تعود لفظت ( فيهن ) ولماذا تغيّر السرد من مثنى إلى جمع ؟
إن أقرب إسم يحمل التأنيث يمكن أن يعود إليها الضمير المجرور ( فيهن ) موجود في الآية التي تسبقها مباشرة ، أي أن الحور والتي ذكرت في الآية اللاحقة هي من ضمن الفواكة الموصوفة بالأعطيات الخيّرة والحسنة (خيرات حسان ) في الآية السابقة
ثم تأتي لفظة الخيام لتبيّن لنا موقعها في الجنة وكأن الآيات تقول : إن هذه الخيرات موجودة في داخل أماكن كالخيام وهنا نجد أن إتصال كلمة حور بكلمة عين تعطي مفهوم يدل على أن تلك الفاكهة المميّزة تروى من العينان النضاختان والموجودتان في داخل تلك الخيام ، فإقترن تبعاً لذلك إسم الفاكهة بالعَين التي تروى منها
ما الذي يجعلني أتخيّل الآيات بهذه الطريقة ؟؟
إن الحق سبحانه عندما تحدث عن الجنّة ذكر فيها أنهاراً وليس عيوناً أليس كذلك ؟
وذِكر العيون في سورة الرحمان هوَ ذكر تخصيص وليس قول عموم فجنّة الفاكهة التي أسهبت سورة الرحمن في ذكرها هي (جنّة داخل الجنّة) أكررها ( جنة داخل الجنة ) ولهذا يقول الحق ((جنتان))
وهي آية كنت أقف عندها متأملاً وكنت أسأل نفسي كيف يقول جنتان وفي آيات القرآن كان يتحدث دائماً عن جنّة واحدة حتى أدركت المعنى بالقليل من إعمال العقل والتدبّر
هذا الكلام لن يرضي الكثير ممن عششت في رؤوسهم أحلام الحوريات وليس من السهل إقناعهم بغير تلك التفاسير ولكن سأضرب هنا مثالاً يوضح مفهوم الإنتقال من المثنى إلى الجمع وليذكر لي فروخ الصحونج ممن يفجرون أنفسهم من أجل جنة الحور وكبارائهم ممن يسوقونهم كالقطيع على من تعود لفظة (فيهن) في مثالي التالي المطابق لطريقة السرد في الآيات ، ثم ليعللوا لي سبب إختلاف فهمهم بين مثالي التالي وبين ما جاد به تفسير المفسرين للآيات - هذا إن كان لديهم تبرير بعدها
إليكم مثال يطابق في تركيبته اللغوية طريقة آيات سورة الرحمن :
في الحي الذي أسكن فيه مبنيـان ، فيهما للألعاب صالتـان ، وفيهما مكتبتـان ، فيهمـا كتب ومراجع وأفلام ، فيهن أفضل أنواع المعارف لبني الإنسان.
السؤال هوَ : على من تعود عبارة ( فيهن أفضل أنواع المعارف ) في جملتنا السابقة ؟
أليس ضمير الجمع المؤنث المجرور يصف مافي داخل الكتب والمراجع والافلام في العبارة السابقة ... مالكم كيف تحكمون
وكلمة حسان في قوله ( خيرات حسان ) لا تأتي لوصف الجمال الأنثوي حصراً (حتى لا يأتي من يتشبث بها)
فقرأ قول الله في ختام نفس السورة
(مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ).
المسألة الثالثة
الطمث في آيات سورة الرحمن وعلامة إستفهام
قالوا لنا أن الطمث هو إفتضاض العذرية لكي يثبتوا ماذهبوا إليه في وصف جنتهم وأنا أتحدى أن يأتيني شخص بقول عربي يذكر الطمث من ضمن ألفاظ الجماع فهل قال أحدكم " سوف أطمث زوجتى " أو نحو ذلك
إن المعاجم تبنت الطمث على أنه أحد مفردات الجماع بناءاً على التفسير الذي ساقه المفسرون لآية الحور وإنتشر المعنى على هذا النحو في تلك الفترة ويبدو أن العرب يعلمون نكارة هذا الأمر فبقي الطمث لفظاً يدل على الدورة الشهرية للمرأة في وقتنا الحاضر ولا نجد معناه على أنه جماع سوى في كتب المفسرين ليدّل على مفاهيم أضافوها لتأكيد ما يريدون
فما معنى لم يطمثهنّ ؟؟؟
نقول :ما طَمَثَ هذا البعير حَبْل أي مَا مَسَّه عِقال ، وما طمث هذه الجنّة أحد أي لم يدخلها أحد .
بالعودة إلى الآية نجد أنها تقول ( لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ )
وفي تصوري أن قول الحق ( لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ ) كانت تفي بالغرض فما الدعي لإضافة ( قبلهم )؟ أليست الحوريات نساء سيخلقنّ للرجال ؟ فهل كان الله يحافظ عليهنّ من إعتداءات ربما قد تحصل من بعض الجن أو الإنس الذين سيدخلون الجنّة خلسة ؟
هل يقوم الله هنا بتطمين النزلاء قائلاً : لا تخافوا معشر الرجال فما إفتضهنّ أحد قبلكم ( في ايّ ميزان من موازين العقل يمكننا أن نتقبّل هذا التفسير )
ولكن إن كان محور الحديث يدور عن شيء ذات صفات متجددة يمكننا أن نفهم الآية بشكل عقلاني ، بمعنى أننا إن فهمنا أن الحور عبارة عن فاكهة مميزة لها صفة التجدد بنفس الشكل واللون والآنيّة فإننا سنفهم عندها العلة من إضافة ( قبلهم ) في الآية ، حسناً دعونا نوضح هذه العلة من سورة الإنشقاق
يقول الحق في سورة الإنشقاق : إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ
فما معنى ( يحور ) ؟
نفتح التفاسير لنقرأ :
أَيْ كَانَ يَعْتَقِد أَنَّهُ لَا يَرْجِع إِلَى اللَّه وَلَا يُعِيدهُ بَعْد مَوْته قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة وَغَيْرهمَا وَالْحَوَر هُوَ الرُّجُوع ( إبن كثير ).... بقية التفاسير تعطي ذات المعنى.
ما فعله المفسرين هو أنهم قالوا أن الحوريّة تعود فترجع عذراء بعد كل إفتضاض !
بينما نجد الله يستخدم الحَوَر بمعنى الرجوع الكامل للبدن ككل .. فأيهما نصدق ؟
إن الحور عين هي فاكهة مميّزة تغريك دائماً لقطفها إن أنت لمستها ومن ثم تعود فتنبت في براعمها في التو واللحظة وترى ذلك الرجوع بأم عينيك ولهذا فأنت عندما تأكل منها فأنت مطمئن وعلى يقين بأن لا أحد قد لمسها ( طمثها ) قبلك فإن قطفتها فسوف تحور مرة تلو أخرى ، فيقطفها شخص آخر .... فهي دائماً جديدة لم يمسسها أحد من قبل إلا قاطفها.
المسألة الرابعة
قاصرات الطرف وغض البصر
حسناً تحدثنا عن الحور والتي جائت بمفردها في سورة الرحمان ولكننا نجد أيضاً في آيات القرآن كلمة عين بمفردها.
يقول الحق في سورة الصافات :
( وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ . كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ )
قالوا لنا بأن قاصرات الطرف هي الحورية التي تنظر إلى زوجها دون غيره
بينما في تراكيب اللغة لا نجد الجملة على هذه الشاكلة فإن أردت أن تمنع شخصاً عن النظر إلى شيء ما تقول له ( غض طرفك ) وليس ( إقصر طرفك )... > أموت وأعرف من فين إبتكروها وفسروا على أساسها الآية.
كمثال نجد قول الشاعر
فغض الطرف إنك من نمير ...... فلا كعبا بلغت ولا كلابا
وقول الحق سبحانه
(قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ)
(وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ)
(وَاقْصِدْ فِى مَشْيِكَ واغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ)
أطراف الإنسان يديه ورجليه والقصر ضد الطول وإن سبقها حرف جرّ تأخذ عدة معانٍ كالآتي :
قصر عن الأمر أي عجز عنه وتهاون
وقصر في الأمر أي قلله كأن يقول شخص " لقد قصرت في الأعطيّة " ونحن سكان الجزيرة نقول للشخص " والله ما قصرت في حقي " بمعنى أنك أتممت المكرمة
وقصر على الأمر ، أي عكف عليه كأن تقول "إقتصرت على أكل الخبز الأسمر في طعامي"
ولكن (قصر الشيء) دون وجود حرف جرّ لا يأتي إلى بمعنى واحد يدور في فلك نقيض الطول ولا دخل لها بالبصر
وعلى هذا تكون قاصرات الطرف هي وصف لأغصان تلك الشجرة ( أطرافها ) ، بأنها قصيرة الأطراف وفي متناول اليد لقطف ثمارها
نعود لنرى وضوح هذا المعنى في سورة الرحمان ونقرأ فيها بعد أن نحذف آية ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) لتسهيل الإستدلال
( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ * ذَوَاتَا أَفْنَانٍ * فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ * فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ * مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ * فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ )
نلاحظ أولاً وجود نفس الطريقة في الإنتقال من المثنى إلى الجمع :t: ، ونجد أن قاصرات الطرف جاءت بعد ذكر الفاكهة ( وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ ) الدانيّة ( دَانٍ ) وعلى هذا فإن عبارة ( فيهنّ وما بعدها ) هو وصف لأغصان القصيرة ( قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ ) والتي تتدلّى منها الثمار ذات الخصائص المتحورة ( لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ).
المسألة الخامسة
هل هنّ حوريات ، أم حرباءات تغيّر ألوانها
عندما نكمل الآيات من سورة الرحمن نجد أمراً عجيباً يدعم ما قلناه عن كون الحور ما هنّ إلا نوع خاص من الثمار بكل تأكيد ، نلاحظ هذا الأمر عندما يصف الله ألوان تلك الثمار الجاهزة للجني والمتدليّة من الأغصان القصيرة بقوله (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ * هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ )
فالياقوت مميّز بلونه الأحمر القاني والمرجان يتميّز بألوانه الزاهيّة التي تسّر الناظرين فهل سيخلق الله حوريّات بألوان حمراء وزرقاء وأخرى برتقالي على بنفسجي :d: أم أننا يجب ان نتخيّل ثماراُ خاصة بألوان زاهيّة وجذابة ... أترك الحكم لكم
المسألة السادسة
زوجتك بمريام فارس
في المسألتين السابقتين وجدنا آيات تتحدث عن الحور فقط وآيات تتحدث عن العين فقط ، أمّا هنا فسنتحدث عن الآيات التي تقرن اللفظتين معاً ( حور عين )
أولاً في سورة الدخان
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ * لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلًا مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )
الملاحظة الأولى نجدها في كتب اللغة ، فالعربي لا يقول ( زوجتك بإبنتي ) بل يقول ( زوجتك إبنتي )
هناك بحث للأستاذ إيهاب يفرد فيه فصلاً كاملاًَ عن هذا الأمر حيث يقول :
"يقول إبن سيده : وقيل في قوله عزّوجل :وزوجناهم بحور عين : أي قرناهم بهنّ ،وليس من عقد التزويج على ما رويناه عن إبن سلام عن يونس ،وقال أنه حكى عن يونس أن العرب لا تقول تزوجت بها إنما تقول تزوجتها ،وحمل يونس قوله :وزوجناهم بحور عين على معنى قرنّاهمونجد ما يعاضد هذا القول في آيات القرآن في قوله تعالى ( فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها ) وليس زوجناك بهايقول إبن سكيت بإصلاح المنطق " وقال يونس :تقول العرب : زوجته إمرأة وتزوجت إمرأة وليس من كلام العرب تزوجت بإمرأة قال وقول الله جل ثناؤه وزوجناهم بحور عين أي قرناهم وقال إحشروا الذين ظلموا وأزواجهم، أي وقرناؤهمويقول الأزهري في تهذيب اللغة " وتقول العرب زوجته إمرأة ، وتزوجت إمرأة وليس من كلام العرب تزوجت بإمرأة ولا زوجت منه إمرأة. قال وقول الله : وزوجناهم بحور عين ، أي قرناهم"
إفتحوا كتاب البداية والنهاية لأبن كثير وسنقرأ على سبيل المثال :
زوجت ابنتي من الحسين الحلاج لما رأيت من حسن طريقته واجتهاده، فبان لي منه بعد مدة يسيرة أنه ساحر محتال، خبيث كافر. وأنكر على أبي يعقوب الأقطع تزويجه إياه ابنته. إنتهى
لو تتبعنا كل العبارات من هذه الشاكلة فلن نجد فيها تركيباً يماثل تركيب القرآن لأن العبارة بذلك الشكل لا تفيد الزواج المتعارف عليه بين ذكر وأنثى لأنها تعتبر بهذا الشكل ساقطة لغويّاً ولا أدري كيف قام المفسرون بتخطي هذا الأمر ولم أجد لهم مبرراً سوى إختلاط التفسير بدواخل النفس عند المفسِّر.
إن أردنا فهم مدلول (التزويج بـِ) علينا أن نضرب مثالاً حتى يتضح معناها زاوجت بين أمرين أي خلطتهما معاً للحصول على أمرٍ وسط بينهما
زوجت اللون الأحمر بــالأزرق ، أي خلطتهما معاً للحصول على اللون الأخضر
فقول الحق (زوجناهم بـِحور عين ) أي بمعنى إقتران أجسادهم بثمار الحور بعد أكلها.
المسألة السابعة
الولدان يحملون الحوريات فوق رؤوسهم فتخيّل يا رعاك الله
إن سورة الواقعة سورة تتحدث عن القيامة وعن صنوف الخلق في الجنة ، ما يعنينا هنا هوَ الآيات التالية :
يقول الحق في سورة الواقعة :
يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ
السؤال هنا هو : بماذا يطوف عليهم هؤلاء الولدان ؟ فتأتي الآيات بعدها مباشرة لتجيب عن هذه الـ (بماذا) التي طرحناها ، فتقول ، إنهم يطوفون بالتالي :
1- بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ
2- وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ
3- وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ
4- وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ
جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
فهل يقول عاقل بأن الولدان يطوفون على أهل الجنة بالأكواب والأباريق والكؤوس والثمار والحوريات العذراوات ! .. أين يحملونهنّ بالله عليكم ؟ هل على أكتافهم أم زنودهم أم ربما فوق رؤوسهم ؟
ثم إن كنّ قاصرات الطرف كما يفسرها المفسرون فكيف يمسك بهنّ الولدان ويسوقونهنّ ؟
هل معصوبي الأعين أم داخل كراتين ... لا حول ولا قوة إلا بالله
لا أدري لماذا قام المفسرون بإقتطاع هذه الآية المعطوفة على ما قبلها وتعاملوا معها وكأنها آية لوحدها.
المسألة الثامنة
وصف مالم يذكرْه
من نفس سورة الواقعة نقرأ :
(وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ * وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ * وَمَاء مَّسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ * وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ * إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا * لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ )
والسؤال هوَ على من يعود الضمير في تلك الآيات إن لم تكن وصفاً لما قبلها من فرش مرفوعة ، هل يصف الله شيئاً لم يذكره !!!!
(أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء) تعطي دلالة الصنع المتقن بذكر الفعل وتوكيده
(فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا) والبكر أول الشيء عند بزوغه حيث يكون في أجمل ما يكون ونحن نقول أن أول قطفة هي الأشهى فابحث في القرآن عن ( البكرة والبكر والإبكار )
(عُرُبًا أَتْرَابًا) تعني أن تلك الفرش متماثلة في الشكل والهيئة ، ولكن لنفترض أن المعنى هو وجود عذراوات متماثلات كما تقول التفاسير ولنتخيّل الوضع حينها كيف يكون ، تخيل أن يأتي شخص ويقول لك إفعل الخير وسأعطيك مقابله 72 إمرأة كلهن متماثلات ( 72 مريام فارس كمثال ) ، ما حاجتي لنساء متماثلات في السن والشكل وكلهنّ حوراوات > طب خلي وحدة بعيون ملونة.
ولنأخذ الآيات من سورة النبأ ( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا * وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا ) وهيَ هنا أيضاً وصفاً للفرش المرفوعة في سورة الواقعة لأن الكواعب تعطي دلالة الإرتفاع ومنها جائت تسمية البيت الحرام بالكعبة لأنه كان مرتفع عن غيره من البنيان.
المسألة التاسعة
تخصيص العام من قبل المفسِّر
يقول الحق في سورة البقرة
وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
نجد آيات مشابهة لها في سورة آل عمران والنساء
سنتحدث اولاً عن التطهّر لكي نفهم الآيات وأقول :
وردت لفظة التطهّر في القرآن في العديد من الآيات سنذكر منها
قول الحق سبحانه :
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)
التطهّر يقترن أيضاً بالرجال حيث يقول الله في حقهم
(وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ)
هناك أيضاً تطهّر من نوع خاص بأنبياء الأرض والمصطفين
يقول الله في حق مريم عليها السلام
(وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ)
وفي حق إبنها عيسى عليه السلام
(إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ)
والطهور يطلق على الجمادات أيضاً فقرأ إن شئت قول الحق
(وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا)
وقوله تعالى لمحمد عليه السلام في سورة المدّثر
(وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ)
ما يعنينا من تلك الآيات هي الآيات المتعلّقة بطهور البدن من الأذى
نلاحظ في الآيات الخاصة بالأزواج المطهرة في الجنة ، أن الله ينفي من خلالها الحيض والجنابة عن أهل الجنّة والخطاب فيها موجه للذكر والأنثى فللرجال والنساء أزواج مطهرّة في الجنّة لا تعتريها جنابة ولا حيض بعضهم من بعض ، هذا هوَ المعنى ولا دخل هنا لحوريات عذراوات حتى يقوم المفسر بتخصيص الآيات للحور وهي في ظاهرها عامة كما هوَ واضح.
المسألة العاشرة
حفلة الجنس الجماعي
هذه واحدة من أقوى الدلائل على أن الحور عين لسن نساءاً
يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة الواقعة :
(وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخِرِينَ * عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ )
ويقول في سورة الطور
(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ)
أين ستتم ممارسة الجنس يا ترى ؟؟؟
هل في متكأ الضيافة أم على الأسرّة !!!! ........... على الأسرة طبعاً
فهل الأسرة في غرف معزولة حتى تتم عملية إفتضاض العذراوات ؟
إقرؤوا ما يقوله الحق عن أسرة أهل الجنّة :
(1) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ
(2) إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ * فَوَاكِهُ وَهُم مُّكْرَمُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ
(3) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ
(4) ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِّنَ الآخِرِينَ * عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ * مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ
(5) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ
هل سنشهد حفلة للجنس الجماعي على الأسرة المتقابلة وخصوصاً أن آيات الحور تأتي مقترنة بها .... أترك الحكم لكم
المسألة الحادية عشر
ملكية خاصة ممنوع الإقتراب
لقد أفهمنا أهل التراث أن في الجنة أملاك خاصة مشابهة لتلك الأملاك الأرضية فهذه الأرض ملك لفلان الفلاني يقوم بتسويرها حتى لا يعتدي على أرضه أحد
وبنفس الطريقة فإن أرض الجنة في الآخرة ستتحول إلى مخطط جاهز للبيع
يقول أهل التراث أن محمداً عليه السلام قد رأى جنّة إبن الخطاب وخرج منها مهرولاً عند علمه بذلك نظراً لإستشعاره لغيرة عمر وهذا النوع من المرويات ماهوَ إلا تكريس لمبدأ الملكيّة الفردية والتي تخالف بمنطوقها آيات الحق سبحانه وتعالى ، فآيات المعيّة في القرآن تدّل دلالة واضحة على أن الملكية الفردية لأرض الجنة قصة مكذوبة فلا وجود لجنة فلان ولا جنة علتان ولن نجد لوحة كتلك المرفقة بالأعلى بل هناك جنة للمقربين وجنة لأصحاب اليمين يدخلونها زمراً زمراً كما في خاتمة آيات سورة الزمر
يقول الحق في محكم التنزيل في سورة النساء :
وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا
المعيّة (مع) ظرف زمان ومكان ولإنتفاء الزمان في الآخرة فيبقى لنا ظرف المكان فقط
فمن يطع الله والرسول فهو مع من ذكرتهم الآية معيّة مكانية فهل سيعاشر الرجل حورياته بحضرة الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين من الجنسين ...... مالكم كيف تحكمون
إن التصور البدوي الصحراوي ألقى بضلالة على الآيات القرآنية عند تقديم التفاسير فالجماع والإمتلاك وحب المغانم من أولويات الشخص في تلك الفترة وعتبي ليس على تلك الأفهام من تلك العصور الغابرة لأن هذه هي قاعدتهم المعرفية ومنتهى آمالهم بل إن عتبي على عقليات تعيش في القرن الواحد والعشرين ومازالت تفكر بالجماع والإمتلاك والمغانم بأرض الميعاد بسبب الكبت والتفكير الدائم بالجنس.
المسألة الثانية عشر
الزقوم طعام الأثيم والمقابلة في القرآن
عند قراءتنا لكتاب الله نجد أنه يحمل طريقة المقابلة في السرد دائماً ، فعندما يتحدث المولى عن آيات العذاب يردفها بآيات الرحمة ، وعندما يتحدث عن صفة الجنة يردفها بصفات النار ، وعندما يتحدث عن المؤمنين يردف الآيات بالحديث عن الكافرين ... ضع هذه الفكرة في مخيلتك ولنكمل :
شجرة الزقوم
طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون
إليك عزيزي القارئ صورة من أروع الصور القرآنية في وصف هذه الشجرة وثمارها
إدعو عشرة أشخاص وأعطهم مرساماً وورقاً وإطلب منهم رسم صورة تخيليّة للشيطان وستجد أن كل فرد منهم أعطى للشيطان أبشع صورة يمكن أن يتصوّرها وأن لكل شخص رسماً مختلفاً كليّاً عن رسم الفرد الآخر
عندما أراد الله وصف ثمار شجرة الزقوم جعلها كأبشع صورة يمكن أن ترتسم في مخيلة الإنسان
يقول الحق سبحانه وتعالى :
(إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ)
إنه لمن الحماقة أن يتصور شخص تلك الثمار على حقيقتها كصورة للشيطان لأنه أولاً لم ير شيطاناً في حياته ولأنه بهذا الفهم السقيم سيكون قد أخذ الآية بحرفيّتها بينما القارئ العاقل سيفهم أن الوصف للبشاعة وليس للمقاربة الشكليّةحسناً قلنا أن القرآن يستخدم طريقة المقابلة في السرد فعندما تحدث المولى عن شجرة الزقوم وأوصاف ثمارها فمن المؤكد أن هناك شجرة مقابلة لها تتمتع بثمار معاكسة في الوصف الشكلي تماماً وهنا لا ولن نجد سوى ثمار شجرة الحور عين لتكون الوصف المقابل لشجرة الزقوم.
المسألة الثالثة عشر
الجنّة مجتمع عائلي كبير تضم الجميع
يقول الحق سبحانه في محكم التنزيل :
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ
أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ
وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ
ويقول رب العزّة :
جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا
وَمَنْ صَلَحَ مِنْ
آبَائِهِمْ
وَأَزْوَاجِهِمْ
وَذُرِّيَّاتِهِمْ
وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ
مجتمع الجنّة مجتمع مثالي لأعلى درجة يضم في جنباته أحبابك وليس مجتمع إباحي ، فليحلم المراهقين بتلك الحوريّات.
المسألة الرابعة عشر
الخطاب الذكوري في سورة الواقعة والرحمن
إن القارئ لسورة الواقعة والرحمن حسب تفاسير المفسرين يجد نفسه أمام خطاب لا يليق بالله سبحانه وتعالى فليس من العدل في شيء أن يختل ميزان الأعطيات هناك حسب الجنس أو النوع ولو قرأنا تلك السور بمفهومهم فإنها تتحول بشكل مباشر إلى سور تخاطب الذكور فقط.
فما هي الجنّة إذن ؟؟
الجنّة مجتمع مثالي لأعلى درجة يضم في جنباته أحبابك يفيض فيه العلم الذي إستأثره الله لنفسه ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) فإن أبدع الإنسان بالعلم القليل فكيف إن إمتلك مفاتيح العلم.
إن كانت اللذة الجنسيّة في الأرض لها وظيفة حفظ النوع ولا تستمر إلا لثوانٍ معدودات عند الوصول إلى قمة الشهوة فإن من خلقها على هذا النحو قادر على أن يخلق أفضل منها بين الأزواج المطهرين من دم الحيض والجنابة ، فالجنّة هي مثوبة الله لعبادة الذين آمنوا به حباً لمن خلقهم ذكوراً وإناثاً دون تفريق فجزاهم بذلك رضوانه وأصبغ عليهم محبته (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) ، (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أضف تعليق