السبت، 10 أبريل 2010

حق الطفل علينا (حياة طبيعيّة في كل الظروف)


إن الشارع الحكيم أهتم بشكل كبير بحق الطفل في وجود أسرة حوله بشكل دائم يحصل من خلال عيشه معهم على حقه في الحضانة وفي الحياة وفي المأكل والمشرب والتربية والتعليم ووو إلخ.
دعونا نكمل
لو أردنا تحديد سن الطفولة فيمكننا أن نقول أن سن الطفولة هي تلك السنين المحصورة فيما بين لحظة الولادة إلى سن البلوغ ، وفي خلال تلك السنين يمر الطفل بأربع حالات طارئة قد تغيّر مجرى سلوكياته
الحالة الاولى : أن يولد ويكبر في ظل أبويه
الحالة الثانيّة : أن تموت أمّه ، أو تطلّق وهو في فترة الرضاعة
الحالة الثالثة : أن يموت أبوه وهو مازال طفلاً في كنف والدته
الحالة الرابعة : أن يموت والداه وهو طفل قد تعدّى فترة الرضاعة
سنترك الحالة الأولى لأن حقوق الطفل فيها معلومة وقد أخذت كفايتها من البحث
ولننظر كيف عالج المشرع الحكيم الحالات المتبقيّة.

أخوة الرضاع
الحالة الثانيّة : أن تموت أمّه ، أو تطلّق وهو في فترة الرضاعة.

لقد تطورت المفاهيم البشرية بشكل كامل منذ البعثة المحمدية وحتى اليوم نتيجة التمازج
بين الأفكار والتطبيق فنلحظ وجود بعض المصطلحات التي لم تكن موجودة في ذلك الزمن كحقوق الإنسان والإقتصاد والعلمانية والتي كانت عبارة عن أفكار قامت جماعات بتحويلها إلى أمر مطبّق ترعاه مؤسسات ودول .
إن الظهور المؤسسي والذي يعتني بشؤون بعض القطاعات نيابة عن الدولة هو ظهور حديث لم يكن موجوداً في بدايات الإسلام ,والحق سبحانه وتعالى قد وضع الأفكار في تلك الفترة -أي منذ 14 قرن مضى - وجعلها كخطوط عريضة لعلها تتحول مع تقادم الزمن إلى مؤسسات ترعاها الدولة بمساعدة أناس قادرين على استخلاص هذه الأفكار وتبنيّها.
وكمدخل للحديث عن حكمة المنع من زواج الرضاعة والتي شرعها المشرع الحكيم علينا تدبر هذه الآية ونستخدمها كمفتاح للفهم
(وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ)
تمام الرضاعة كما نصت بذلك الآية هوَ حولين كاملين ، أي من لحظة الولادة إلى مثليها
وأول ما تبادر إلى ذهني هوَ البحث عن علّة هذا التحديد ؟!!!
فأين المشكلة في إرضاع الطفل لمدة أشهر إضافية كما تفعل بعض الأمهات ؟
لماذا جعلها مدة محصورة بينما كان من الأولى ترك تحديد هذه المدّة للأم المرضعة حسب حالة المولود ؟
أظن والعلم عند الله أن تحديد المدّة له علاقة بإخوة الرضاع ، فالطفل حتى عمر السنتين تكون ذاكرته في طور النمو وفي تلك الفترة تكون غير قادرة على تثبت الصورة في الذاكرة بشكل محكم ولهذا فإن الإنسان لا يمكن أن يتذكر شيئاً قد حصل له في تلك الفترة إطلاقاً ولكنه قد يتذكر بعض الأحداث الصغيرة في عمر الثلاث والأربع سنوات وقد يتذكر تفاصيل أكثر عندما يصل إلى عمر الخمس والست سنوات نتيجة تطور أساليب الإدراك عنده وهكذا.
الآن يمكننا الوصول إلى علّة تشريع أخوة الرضاعة ، فالطفل الرضيع والذي يكون قد فقد أمّه بعد الولادة مباشرة أو في فترة الرضاع يحتاج إلى ثدي بديل تقوم مؤسسة بتوفيره له وتقوم الدولة بصرف معونة للأم المرضعة والتي تتبنى هذا الطفل كإبنها حتى يكبر وقام الحق سبحانه بمساواة الأطفال عند هذه الأم فيصبحوا إخوة جميعاً وهذا لكي يستطيع هذا الرضيع أن يعيش في كنف أسرته الجديدة دون الخوف منه على أخواته البنات فيستطيع أن ينام معهم ويطعم معهم ويدخل ويخرج كفرد من العائلة بل قد يرث من أبيه الجديد بنظام الوصيّة ، هذا الإجراء يحافظ على نفسيّة الطفل فذاكرته لن تسعفه أبداً لتذكر الأحداث قبل سنتين من عمره ، فهو لا يعرف سوى أنه أدرك وجوده وعرف الدنيا في أحضان إمرأة تقبـِّله بحنان وتضمه إلى صدرها ويناديها ماما وأن هناك رجل يقال له بابا وأن هناك إخوة له وأخوات يحبونه ويحبهم.
مثال :
محمد قد ولِد وتشاركت معه طفلة رضيعة نفس الثدي ، كبر محمد وسط اخواته البنات من والديه وكبرت هذه الفتاة معه في البيت وجعل الله منهما (إخوة) فلا هيَ تخجل منه ولا هوَ يخجل منها وتقوم الدولة بصرف معونة لوالدة محمد لأنها مرضعة لهذه الطفلة وقد تتنازل والدة محمد كرماً عن هذه المعونة ، الآن بعد أن تبلغ هذه الفتاة ويبلغ محمد فمن المستحيل أن يشتهيها أو يفكر بها كزوجة ويتعرى أمامها ، وجاء الشارع الحكيم ليحرّم هذا الزواج حتى لا تلاقي هذه الفتاة مضايقات من محمد عندما تكبر وتنضج فتعيش هذه الفتاة حياتها بشكل طبيعي كفرد من العائلة وكأنها خرجت من ذات البطن.....
الآن يمكننا أن نفهم لماذا قام الله بتحديد سن الرضاعة ، فالحق سبحانه يريد طفلاً سويّاً لا تتضارب ذكرياته فيما بين والدته الحقيقية وأمه الجديدة فيعيش بكامل حقوقه مثله مثل إخوته من الرضاعة ويكفي لتحقيق هذا الأمر ولو رضعة واحدة في آخر ساعة قبل دخوله في غرّة عامه الثالث ، وما بعد الحولين من رضاعة لا يدخل في حكمها لإنقضاء المدة التي حددها الله ، حتى وإن رضع مائة رضعة مشبعة بعد الحولين فإنه لن يصبح أخاً بالرضاعة.
في المقابل نجد أن الفكر الكهنوت بقي عاجزاً عن تقديم أي جديد في هذه الجزئية ، ولهذا فإنه عندما وجد الرضاعة منتشرة وتسبب المشاكل لم يقم بتنظيمها وإستنباط الحكمة من التشريع لإفهام الناس (حكمة أخوة الرضاع) أو (علّة هذا التشريع) بل نجده قد سارع إلى إختراع شروط لتعقيدها من خارج القرآن إعتماداً على الظن فجعلوا أخوة الرضاع تنعقد بخمس رضعات وليس أي رضعات بل يجب أن تكون مشبعات ، وبعدها فليذهب هذا الطفل إلى الجحيم وليتربى كيفما كان ويعود بعد عشرين سنة وقد نسي الجميع ما حصل ليفاجأ بعد أن أحب فتاة بأنها أخته من الرضاعة وبأن والدة خطيبته هي أمه من الرضاعة ......إن هذا أمرٌ في غاية السخف وليس هو المقصد من تشريع الله ، ومن يجعل الرضاعة أمراً يقوم بتحويل جينات الطفل المرتضع ليتشابه مع إخوته من غير أمه لتبرير التحريم من زواج المراضيع هوَ تبرير أسخف وأسخف.....
تشريع الأخوة من الرضاع قائم أساساً لتلك الفئة من المواليد اللقطاء والذين مازالوا في فترة الرضاع فهؤلاء بلا ذنب وواجبنا إتجاههم أن نحتويهم لا أن نحملهم جريرة أبائهم ، وقائم أيضاً لؤلئك الرضع الذين ماتت أمهاتهم وليس لهم أقارب يكفلونهم (وهنا يقوم عمل المؤسسة الحكومية في توفير المرضعات ممن يبحثن عن الأجر لهاتين الحالتين )، فإن كان لهم أقارب فإن أولى الناس بإرضاع الطفل هنّ عماته وخالاته فيتربى معهنّ ، فإن لم تكن منهنّ إمرأة مرضعة فيتحول الأمر إلى خارج العائلة من المعارف فإن لم يتوفر ذلك فستتكفله إمرأة أجنبيّة مرضعة يتربى الطفل عندها لتعويضه حنان الأم المفقودة ولتعويضه بأسرة كاملة وبحياة طبيعية .
الخلاصة :
1- إن الله وضع أفكاراً ...... كانت البشرية تعمل على تطبيقها دون وعي ... وهذا في القرون الماضية ولا تثريب عليهم في ذلك الوقت.
2- تطورت المفاهيم البشرية وتحولت هذه الأفكار إلى مؤسسات ترعاها الدولة... رغم أن هذا لم يحدث إلى الآن ويا قلبي لا تحزن
3- وضع الله تحريمات لضبط عمل هذه المؤسسات بأن جعل الرضيع أخاً لمن رضعَ معهم وإبناً لأبويه الجديدين ليعيش براحة وسكينة معهم ومع أخواته وأخوانه من الرضاع.
وهذه هي حكمة تحريم الزواج من أخوة الرضاعة.





التعدد
الحالة الثالثة : أن يموت أبوه وهو مازال طفلاً في كنف والدته

هنا تبرز لنا حكمة تشريع التعدد
وكسابقتها نجد أن الكهنوت لم يقدم لنا سوى المصائب في هذا التشريع أيضاً ، فكم من إمرأة خانها زوجها بزوجة بديلة ،دلوعة صغيرة ، بكراً مغناجاً ... والأدهى حين نعلم أن رجال الدين جاؤوا لكي يكحلوها ففقئوا عينيها بإستحداثهم لشروط لا أجد أحداً قد إلتزم بها من الرجال المعددين ، بل إن المأذون قد يعقد النكاح الثاني والثالث والرابع دون النظر لإستيفاء هذا الشخص لشروط التعدد التي إفتروها.
فلندعهم في تراثهم يعمهون ولنرى كيف قام الشارع الحكيم بالإهتمام بأطفال الأرملة في آيات سورة النساء.
عشر آيات من بداية تلك السورة تتحدث عن اليتامى في اكثر من موضع قائلة لكل قارئ متدبر "خذ حذرك وأنت تقرأ هذه الآيات فالتشريع هنا يا مسلم يختص بأطفال النساء الأرامل فلا تخلط"
سنضع آية التعدد كاملة ، ونضع تحتها جملة تماثلها تماماً في التركيب والصياغة ومن ثم فلنتخيل أننا أمام رجل دين يحمل درجة الدكتوراه في الفقه الإسلامي ولنسأله عدد من الاسئلة عن عبارتنا البديلة للآية ok
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً .. الآية
وإن خفتم مرضاً في صيامكم ففطورا يوماً أو يومين او ثلاث أو أربع فإن خفتم ألا تقضوها فأفطروا يوماً واحداً .. النص المشابه
الآن سنسأل شيخنا الإفتراضي عن شروط الإفطار في رمضان والتي إستنبطها من جملتنا البديلة وسنجد أن رده المنطقي السليم سيكون التالي :
إن الإفطار في رمضان له شرطان حسب ما هوَ ظاهر :
الشرط الأول : الخوف من المرض والمقصود هنا أن يخاف الإنسان على صحته إن هوَ أكمل صيامه وهو مريض
الشرط الثاني : المقدرة على قضاء تلك الأيام التي أفطرها فإن كان غير قادر فليكتف بقضاء يوم واحد ،وعليه كفارة بقية الأيام
الآن لنسأل أنفسنا :هل رجال الدين إستنبطوا شروط التعدد من الآية القرآنيّة بنفس الطريقة ؟ .. بالطبع لا
فهم قد ألغوا الشرط الأول - الخاص باليتامى -وجعلوا التعدد مفتوحاً ، وكأننا نتخيل شيخنا في شرحه لنصنا البديل قد جعل الفطر في رمضان مفتوحاً دون شرط المرض (والذي جاء بعد حرف إن الشرطيّة في إفتتاحيّة عبارتنا كالآية تماماً فقارنوهما )!!!!
الفقهاء لا يقرؤون آيات التعدد كلها بل يحلو لهم قراءة الآية الثالثة من نصفها فقط كي يحللوا ما يشاؤون
تقول الآية السابقة لآية التعدد
وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا
السؤال هوَ كيف تأكل أموال اليتامى وتضمها إلى مالك إليس هذا معناه أن هناك وصاية منك على مال هؤلاء اليتامى
تأتي الآية التي بعدها ونقرأ :
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ
يعني لو خفت من عدم الإقساط في أموالهم وتريد أن تكفلهم وتضمهم إلى بيتك فلك أن تتزوج أمهم و تعدل فيما بين هؤلاء اليتامى الذين ليسو من صلبك وبين أبنائك الصلبيين في كل الحقوق من ملبس ومأكل وشرب وخلافه
فالعدل الوارد في الآية يقصد به العدل بين أبنائك وبين أبناء المرأة الأرملة التي تزوجتها تعدداً ، فالزواج هنا ليس من أجل فرج إمرأة بكور تجدد بها فراشك بل من اجل غاية أسمى وأجل وهي ( كفالة اليتامى الموجودين تحت يديها )
ومن هذا نجد أن التعدد خاص بالأرامل لكفالة أبنائهن اليتامى ، ولهذا قال في ختام الآية ( ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ ) وتعولوا هنا بمعنى تقعوا في كثرة العيال وهذا قول زيد بن أسلم وسفيان بن عيينة والشافعي
الآن الأرملة صاحبة الأيتام من المؤكد إنها قد ورثت من زوجها المتوفى فما تحت يديها من ورث هوَ في الحقيقة نصيبها ونصيب أبنائها الذين لم يبلغوا بعد سن الرشد بعد ، فيقول الله في الآية السادسة
وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا
يعني لا تدفع للأيتام فلوسهم إلا إذا بلغوا سن الرشد ، فإن كنت غنياً وكافلهم بالزواج من أمهم فلتستعفف ولا تأخذ من أموالهم بل إصرف عليهم من مالك كما تصرف على ابنائك بالضبط ، ولكن إن كنت فقيراً فخذ من أموالهم بالمعروف
نأتي للآية 9 و 10
وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا
إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا
يعني يا مسلم لو كنت خائف من الموت فخاف الله في أبنائك الضعاف فلا تعطيهم مثل بعضهم البعض في الميراث فالمريض والمعوق والصغير أعطيهم من أموالك أكثر مما تعطي الصحيح والسليم والكبير الذي يملك عملاً ، فإن مت ومن ثم جاء شخص وطلب يد أرملتك بدعوى أنه يريد كفالة أيتامها وهو في الحقيقة يريد ما تركته لها ولأبنائها الضعفاء من مال الورث فهذا الشخص قد توعده الله بنار في بطنه يوم القيامة جزاءاً على ما أكل من مال الأيتام تحت غطاء التعدد.
إن شرط التعدد الأول هوَ وجود أرملة بأيتام وشرطه التالي هوَ العدل بين هؤلاء الأيتام وبين أبناء المعدد
وأظن أنه وفق هذه الشروط لن يعدد أحد ، إلا شخص يؤمن بالله وحاب فعل الخير للأيتام والله أعلم بالنويا.
تخيّل ان يكون هناك صديق عزيز على قلبك وقد مات بحادث تاركاً زوجته مع أطفال صغار ، فإن أحببت أن تبّر صديقك فلك أن تتزوج أرملته وتضم أطفاله إلى أطفالك وقم بعد ذلك بتربيتهم وكأنك أبوهم .. ولك أجرٌ عظيم.
موافقة الزوجة الأولى مهم ويمكن أن يصدر لذلك قانون للحفاظ على حقوقها.


التبني
الحالة الرابعة والأخيرة : أن يموت والداه وهو طفل قد تعدّى فترة الرضاعة

هنا يأتي تشريع التبني والذي كالعادة قام الكهنوت الديني بسحقه وإلغائه.
آيات القرآن ليس فيها حشو ومن هذا المنطلق يمكننا أن نقسم بأن التبني مازال قائم وشرطه الوحيد هوَ أن يحمل الطفل المتبنى لقبه الأصلي فقط.
يقول الحق سبحانه وتعالى :
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ الَّلاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ الَّلاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ الَّلاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا
عندما قال الحق في الآية ( وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ) فهذا معناه أن هناك أبناء ليسوا من أصلابنا أباح الله أن نتزوج نسائهم المطلقات أو الأرامل... وإلا فما الداعي لحشو عبارة ( الذين من أصلابكم ) هنا !!!
إن الطفل الذي قد تعدّى فترة الرضاع وفقد أبويه يمكن لأي أسرة أن تتبناه ليعيش معها في البيت وله كل الحقوق من مأكل ومشرب ومسكن وخلافه ويمكن للأب أن يوصي له ببعض المال من التركه ، بينما وجود هذا الطفل في دور الأيتام كما هوَ حاصل الآن فله عواقب وخيمة وإفرازات نفسية أليمة ... فلا حول ولاقوة إلا بالله
بذكرنا للحالة الرابعة نكون قد استوفينا كل الحالات التي يمر بها الطفل من لحظة الولادة إلى سن الرشد ، ورأينا كيف أن الشارع الحكيم لم يترك أي شاردة وواردة تتعلق بالأطفال إلا ووضع لها تشريعاً رحيماً يحافظ بها على حقوقهم في العيش دائماً وسط أسرة تشعرهم بالإطمئنان لأنهم الإستثمار الحقيقي للمستقبل .
ولو لاحظتم أيضاً فإن كل الآيات التي إستشهدنا بها مأخوذة من سورة واحدة هيَ سورة النساء ، وهذه لها دلالة واضحة أترك إستنباطها لكم .

وختاماً أقول :
إن السعودية تعتبر قلب العالم الإسلامي وهي في موقعها هذا تأخذ المعنى الحديثي لتلك المضغة التي إن صلحت صلح الجسد كله وإن فسدت فسد الجسد كله ، إن هذه البلاد تعتبر قدوة لا يستهان بها في وجدان الشعوب الإسلاميّة في منهجها وفي تشريعاتها وفي فكرها الإسلامي ولن تقوم للمسلمين قائمة مالم ينطلق الخطاب الإصلاحي من أرضها التي تشرفت بضم الحرمين الشريفين .. فماذا قدمنا لأمة الإسلام في ظل هذا الحجر القائم على العقول
كفانا 12 قرن نعيد تكرار أنفسنا وخطابنا الديني وكأننا أحد رعايا الدول القديمة من أموية وعباسيّة.
لست بعالم دين ولن أكون بإذن الله ولا أجزم بمافي هذا الموضوع إن هيَ إلا محاولة للتفكير بصوت مرتفع وعزائي هوَ أن تحاول السعودية أصلاح الدين بأي طريقة مماثلة وتقوم بتطبيق بعض التشريعات المعدلّة وفق نظرة تجديدية للإسلام وأنا على يقين بأن كل الدول ستحذوا حذوها.
ولو كان الأمر بيدي لفصلت الدين عن الدولة مباشرة ولكن ما باليد حيلة مع شعوب تتنفس الدين وتنام عليه وأصبح جزءاً لا يتجزأ من تكوينها الثقافي ومسارها السلوكي ولهذا فإن أي أصلاح لواقع الحال يجب أن ينطلق من داخل الدين نفسه لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أضف تعليق