لي صديق حليق اللحية ولا يحفظ من القرآن سوى قصار السور لكي يؤدي بهنّ صلاته ، وبنفس الوقت كان مواضباً على قراءته كل يوم
وكنت يوماً مع هذا الشخص في جلسة على البحر وتذاكرنا زواج القاصرات وتحديد سن الزواج ، وقد كان هذا الحديث بيني وبينه في الفترة التي كان النقاش فيها محتدماً بخصوص هذا الأمر
وذكرت له كل ما أعرفه وما قرأته من ردود للمشائخ ، وكيف أن كبار العلماء لم يستحسنوا تحديد سن للزواج
المهم أن صديقي هذا قال لي : إن تحديد سن الزواج يمكن إستنباطه من القرآن وبكل بساطة !
قلت له من أين ؟
فنهض وإنطلق للسيارة وأحضر نسخة صغيرة من القرآن وبدأ يبحث عن الآية التي كانت بباله ويمكن الإستنباط منها
وما هي إلا برهة حتى مد المصحف إليّ وقال إقرأ هنا
فقرأت ، فإذا به قول الحق سبحانه :
وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ
فقال : توقف ، هذا هوَ سن البلوغ والذي قد يأتي في التاسعة أو العاشرة أو أقل من ذلك ، أكمل
فقرأت تكملة الآية :
فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ
قال : يكفي
وأخذ المصحف وأغلقه وقال : هذا هوَ سن الرشد
وأكمل قائلاً :
الزواج عقد مثله مثل كل العقود الأخرى ، بل إن الحق جعل منه ميثاقاً غليظاً
فإن كانت الأموال لا تدفع إلى الطفل بمجرد البلوغ بل يجب أن يصل إلى سن الرشد حتى تعطيه ما هوَ حق له ، فمن باب أولى ألا يعقد على ميثاق الله الأغلظ في شيء ليس من حقوقه حتى نتأكد من بلوغه سن الرشد ، وهذا ما يقول به كل عاقل
البنات زمان كن يبلغن سن النكاح وهنّ راشدات وعارفات بشؤون البيت ومتطلبات الحياة لأن أمهاتهنّ في تلك الأزمنة كانت تعدهنّ لهذا الأمر وتعلمهنّ الطبخ ومعنى الزواج وحقوق البيت وكن يساعدن أمهاتهنّ في البيت
ولكننا الآن في زمن أصبح فيه بون شاسع ما بين سن البلوغ وسن الرشد ، فقد تبلغ الفتاة مبكراً ولكنها قد لا تصل إلى سن الرشد إلا بعد ذلك ببضع سنين لأن الحياة تغيّرت وكذلك الفتى أيضاً ،وتبعاً لذلك لابد وأن يتغيّر قانون الزواج ليصبح في سن أكبر ليراعي هذا الفارق ما بين البلوغ والرشد ، وهذا ما تفرضه علينا الحياة الآن.
هل تعتقد أن من يتربعون الآن على كرسي الإفتاء سيصلون إلى ما وصل إليه حليق اللحية صاحبي ؟
((((أجعل من عقلك خير صديق وخصوصاً في هذا الزمن الأغبر))))
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أضف تعليق